للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صرّح به (قَالَ) قتادة (مِنَ التَّمْرِ) بدل "من القُطَيْعاء" (ثُمَّ تَصُبُّونَ فِيهِ)، أي في ذلك الْجِذع الذي ألقيتم فيه من القطيعاء (مِنَ الْمَاءِ) أي بعض الماء، فـ "من" بمعنى البعض، ويحتمل أن تكون ابتدائيّة (حَتَّى) غاية للترك، أي ثم تركتموه حتى (إِذَا سَكَنَ غَلَيَانُهُ) أي اضطرابه، يقال: غَلَتِ القدرُ غَلْيًا، من باب ضرب، وغَلَيَانًا أَيضًا، قال الفرّاء: إذا كان الفعل في معنى الذهاب والمجيء مضطربًا، فلا تَهَابَن في مصدره الْفَعَلَانَ، وفي لغة: غَلِيَت تَغْلَى، من باب تَعِبَ، قال أبو الأسود الدّؤليّ [من البسيط]:

وَلَا أَقُولُ لِقِدْرِ الْقَوْمِ قَدْ غَلِيَتْ … وَلَا أَقُولُ لِبَابِ الدَّارِ مَغْلُوقُ (١)

والأُولى هي الْفُصحَى، وبها جاء الكتاب العزيز في قوله تعالى: {يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} الآية [الدخان: ٤٥]، ويتعدّى بالهمزة، فيقال: أغليت الزيتَ ونحوه إغلاءً، فهو مُغْلًى (٢).

(شَرِبْتُمُوهُ) جواب "إذا" (حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ) غاية لإكثار الشرب، أكثرتم شربه، وسكرتم حتى إن أحكم (أوْ) للشكّ من الراوي، ولم أعرفه (إِنَّ أَحَدَهُمْ) بضمير الغيبة بدل الخطاب (لَيَضْرِبُ ابْنَ عَمِّهِ بالسَّيْفِ") قال النوويّ رحمه الله تعالى: معناه: إذا شَرِبَ هذا الشراب سَكِرَ، فلَم يَبقَ له عقلٌ، وهاج به الشرّ، فيضرب ابن عمّه الذي هو عنده من أحبّ أحبابه، وهذه مفسدة عظيمة، ونبّه بها على ما سواها من المفاسد. انتهى.

(قَالَ) الراوي، والظاهر أنه أبو سعيد - رضي الله عنه - (وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ) جملة من مبتدأ مؤخّر وخبر مقدّم، أي وكان رجل مع أولئك القوم الذين يخاطبهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بهذا الخطاب، وجملة (أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ) صفة لـ "رجل"، واسم هذا الرجل جهم بن قُثَم، كما قاله ابن بشكوال، والخطيب، وقال ابن الصلاح: بلغنا ذلك عن ابن أبي خيثمة، وكانت الجراحة في ساقه (٣)، وقال سبط ابن العجميّ: وابن عمّه لا يعرف اسمه (٤)، (كَذَلِكَ) أي جراحة كالجراحة التي


(١) مراده أنه فصيح لا يلحن.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٢ - ٤٥٣، و"لسان العرب" ١٥/ ١٣٤.
(٣) "الصيانة" ص ١٥٥.
(٤) "تنبيه المعلم بمبهمات صحيح مسلم" ص ٥٢.