للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وصفها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أنهم يشربون من هذا الشراب المسكر، فيسكرون، وتغيب عقولهم، فيضربون بالسيف أَبناءَ عُمُومتهم (قَالَ) ذلك الرجل (وَكُنْتُ أَخْبَؤُهَا) أي أستر تلك الجراحة (حَيَاءً مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -) أي لئلا يراها، فيسأله عن سببها، فيفتضح (فَقُلْتُ: فَفِيمَ) هي "ما" الاستفهاميّة حُذفت ألفها؛ لدخول الجارّ عليها، كقوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١)} [النبأ: ١]، وقوله: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [الحجر: ٥٤]، قال في "الخلاصة":

و"مَا" فِي الاسْتِفْهَامِ إِنْ جُرَّتْ حُذِفْ … أَلِفُهَا وَأَوْلِهَا الْهَا إِنْ تَقِفْ

والجارّ والمجرور متعلّق بـ (نَشْرَبُ يَا رَسُولَ اللهِ؟) أي في أيّ الأوعية يجوز أن نتّخذ الأنبذة الجائزة الشرب حتى نشربها (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فِي أَسْقِيَةِ الْأَدَمِ) متعلّق بفعل مقدّر، دلّ عليه السؤال، أي اشربوا في أسقية الأدم، و"الأَسقية" بالفتح: جمع سِقَاء بالكسر، ككِسَاءٍ: جِلْدُ السَّخْلَة إذا أجذَعَ، يكون للماء واللبن، ويُجمع أيضًا على أسقيات، وأَسَاقٍ، قاله في "القاموس" (١)، وأما "الأَدَمُ" فبفتح الهمزة، والدال: جمع أَدِيمٍ، وهو الجلد الذي قد تَمَّ دِبَاغه، وتناهى، قال السِّيرافيّ: لم يُجمع فَعِيلٌ على فَعَل إلا أَدِيمٌ وأَدَمٌ، وَأَفِيقٌ وَأَفَقٌ، وقَضِيمٌ وقَضَمٌ، والقضيم: الصحيفة (٢)، والأَفِيق: الجلد الذي لم يتمّ دِباغه. انتهى (٣).

وقال الفيّوميّ: والأَديم: الجلد المدبوغ، والجمع أَدَمٌ بفتحتين، وبضمّتين أيضًا، وهو القياس، مثلُ بَرِيدٍ وبُرُد. انتهى (٤) "الَّتِي يُلَاثُ عَلَى أفوَاهِهَا")، قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: أي يُربط ويُلفّ بعضها على بعض، قال الْقُتَبيّ: أصلُ اللَّوْث الطيّ، ولُثْتُ الْعِمامة: أي لَفَفتها، وهذا بمعنى اللفظ الوارد في الرواية الأخرى: "عليكم بالْمُوكَى" مقصورًا: أي بالأسقية التي توكأ: أي تُربط أفواهها بالوِكَاء، وهو الخيط الذي تُربط به.


(١) "القاموس المحيط" ص ١١٦٦.
(٢) قال القاضي عياض: القضيم: الصحيفة كما قال، لكنها البيضاء التي لم يُكتب فيها بعدُ. انتهى "إكمال" ١/ ١٦٩.
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ١٦٨.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٩.