وتُعُقّب بأن الآية لا تنفي الاقتصار على المسح على العمامة؛ لأن من قال: قَبَّلتُ رأس فلان يصدُق، ولو بحائل.
(ومنها): أن الله تعالى فرض المسح على الرأس، والحديث في المسح على العمامة محتَمِل للتأويل، فلا يُترك المتيقّن للمحتَمِل، والمسح على العمامة ليس بمسح على الرأس.
وتُعُقّب بأن هذا الوجه يرجع إلى الوجه الثاني، وقد تقدّم جوابه، وتوضيحه أنه أجزأ المسح على الشعر، ولا يسمّى رأسًا.
[فإن قيل]: يُسمّى رأسًا مجازًا بعلاقة المجاورة.
[قيل]: والعمامة كذلك بتلك العلاقة، فإنه يقال: قبّلت رأسه، والتقبيل على العمامة، ويؤيِّد ذلك حملهم قراءة الجرّ في {وَأَرْجُلَكُمْ} في آية الوضوء على حالة التخفّف، فتأمّل.
(ومنها): أن أحاديث المسح على العمامة مجملة، وحديث المغيرة - رضي الله عنه - عند مسلم مفصَّلٌ، فتُحمل عليه، ويقال: إن أداء المفروض من مسح الرأس وقع بمسح الناصية؛ إذ هي جزء الرأس، وصارت العمامة تَبَعًا له، يعني أن المسح على العمامة كان زائدًا على أصل الفرض، وتعميمًا وتكميلًا، فرَخَّص لهم - صلى الله عليه وسلم - بفعله بعد مسح الواجب أن يقتصروا من الاستيعاب على مسح العمائم.
وتُعُقِّب بأنه لا موجب لحمل أحاديث المسح على العمامة على حديث المغيرة، فإنها وقائع مختلفة، ليست حكاية عن فعل واحد في وقت واحد، وأما أن المسح على العمامة كان زائدًا على أصل الفرض، وإتمامًا، ففيه أنه مجرّد دعوى، لا دليل عليها، فلا يُلتفت إليها.
(ومنها): أنها حكاية حال، فيجوز أن تكون العمامة صغيرةً رقيقةً بحيث تمنع وصول البلّة منها إلى الرأس.
وتُعُقّب بأن الكلّ من قوله، وفعله، وتقريره حجة لنا، وفي إنشاء مثل هذه الاحتمالات في أفعاله - صلى الله عليه وسلم -، وأحواله من غير دليل ردٌّ للسنّة الصحيحة الثابتة، وأيضًا لا يَتحقّق وصول البلّة إلى الرأس إلا إذا كانت العمامة غير ذات أكوار، وفيه إبطال لمسمّى العمامة.