قال الحافظ: إن أراد عن محمد بن جعفر، فمسلَّمٌ، وإن أراد مطلقًا فلا، فقد قال الدارقطنيّ: تابعه عبد الصمد، عن شعبة، أخرجه ابن منده من طريقه. انتهى (١).
وقال التوربشتيّ رحمه الله: هذا في حقّ من بات مستنجيًا بالأحجار معروريًا، ومن بات على خلاف ذلك ففي أمره سعة، ويُستحبّ له أيضًا غسلها؛ لأن السنّة إذا وردت لمعنى لم تكن لتزول بزوال ذلك المعنى.
وقال الباجيّ رحمه الله: الأظهر في سبب الحديث أن النائم لا يكاد يسلم من حكّ جسده، وموضع بثرة في بدنه، ومسّ رُفْغه وإبطه، وغير ذلك من مغابن جسده، ومواضع عَرَقه، فاستُحبّ له غسل اليد تنظُّفًا وتنزُّهًا، قال: وتعليقه بنوم الليل لا يدلّ على الاختصاص؛ لأن المستيقظ لا يمكنه التحرّز من مسّ رُفغه وإبطه، وفَتْل ما يخرج من أنفه، وقتل برغوث، وحكّ موضع عَرَق، فإذا كان المعنى الذي شُرع له غسل اليد موجودًا في المستيقظ لزمه ذلك الحكم، ولا يسقط عنه بأن الشرع علّقه على النائم. انتهى مختصرًا ملخّصًا.
قال صاحب "المرعاة" بعد ما تقدّم: وعلى هذا يكون الحكم عامًّا لكلّ متوضئ، ولا يختصّ بالنائم، وأما على ما قال الشافعيّ وغيره في سبب الحديث، فيكون استحباب الغسل للمتوضئ المستيقظ من النوم خاصّةً، وأما من يريد الوضوء من غير نوم، فيُستحبّ له؛ لثبوته من فعله - صلى الله عليه وسلم -، كما سبق في صفة وضوئه - صلى الله عليه وسلم -.
ثم إن النهي عن الغمس قبل الغسل للتنزيه، والأمر في رواية "فليغسل" للندب عند الجمهور، فلو خالف، وغَمَس قبل الغسل فقد أساء، ولا يَفسُد الماء، والقرينة الصارفة التقييدُ بالثلاث في غير النجاسة العينيّة، فإنه يدلّ على ندبيّة الغسل، ولأنه عُلِّل بأمر يقتضي الشكّ في نجاسة اليد، والوجوب لا ينبني على الشكّ، وحمله أحمد على كراهة التحريم، وقال بوجوب الغسل في نوم الليل، ولا يبعُد من الشارع الإيجاب لرفع الشكّ، ومن قال: إن الأمر بالغسل