للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: كون الغسل فورًا هو الأشبه، والأقرب إلى براءة الذمّة، والمرجّح في الأصول عند تجرّد الأمر المجرّد عن القرائن (١)، فكيف، وقد حَفّت به هنا، كما قرّره ابن دقيق العيد - رحمه الله تعالى - والله تعالى أعلم.

١٩ - (ومنها): بيان لطف الله تعالى بعباده، ورأفته بهم، حيث أباح لهم اقتناء الكلاب للحاجة، كالصيد، ونحوه، كما يأتي في حديث عبد الله بن المغفّل - رضي الله عنه -، ومنعهم من اقتنائها لغير حاجة؛ لما فيه من إلحاق الضرر بالناس بالترويع ونحوه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في نجاسة سؤر الكلاب، وطهارته:

قال الإمام أبو بكر بن المنذر رحمه الله: اختلفوا في طهارة الماء الذي يَلَغُ فيه الكلب، فقالت طائفة: الماء طاهر يُتَطَهَّر به للصلاة، ويغسل الإناء كما أَمَر به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان الزهري يقول: إذا لم يجد غيره توضأ به، وكذلك قال مالك، والأوزاعي.

وقالت طائفة: يتوضأ بالماء الذي وَلَغ فيه الكلب، ثم يتيمم بعده، رُوي هذا القول عن عَبْدة بن أبي لبابة، وبه قال سفيان الثوريّ، وعبد الملك الماجشون، ومحمد بن مسلمة.

وقالت طائفة: الماء الذي ولغ فيه الكلب نَجَس يُهَراق، ويغسل الإناء سبعًا أولاهنّ، أو أخراهن بالتراب، هذا قول الشافعيّ، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي (٢)، ثم رجّح ابن المنذر القول بعدم نجاسة الماء الذي ولغ فيه الكلب (٣).


(١) راجع: ما حقّقته في: "التحفة المرضيّة" في الأصول ص ١٣٨.
(٢) هكذا قال ابن المنذر أن أصحاب الرأي يقولون: يُغسل سبعًا بالتراب، وفيه نظر؛ لأنهم يقولون: يُغسل ثلاثًا، بلا ترتيب، فتنبّه.
(٣) "الأوسط" ١/ ٣٠٦ - ٣٠٨.