للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال بعضهم: يُغسَل الإناء من ولوغ الكلب فيه كما يُغسَل من غيره. انتهى (١).

وقال الحافظ ابن عبد البرّ رحمه الله: اختَلَف العلماء في العمل بظاهر هذا الحديث، فذهب أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من فقهاء المسلمين إلى أن الإناء يُغسَل من ولوغ الكلب سبع مرات بالماء.

وممن رُوي عنه ذلك بالطرُق الصحاح أبو هريرة، وابن عباس، وعروة بن الزبير، ومحمد بن سيرين، وطاوس، وعمرو بن دينار، وبه قال مالك، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وداود.

وقال الزهريّ: يغسل ثلاث مرات.

وقال عطاء: كلّ ذلك قد سمعت سبعًا وخمسًا وثلاث مرات.

وذهب أبو حنيفة، وأصحابه، والثوريّ، والليث بن سعد إلى أنه يُغسَل بلا حَدّ.

قال أبو عمر رحمه الله: قد ثبت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا ما يَرُدّ قول هؤلاء، فلا وجه للاشتغال به، ولقد رُوي عن عروة بن الزبير أنه كان له قَدَحٌ يبول فيه، فولغ فيه الكلب، فأمر عروة بغسله سبعًا؛ اتِّباعًا للحديث في ذلك. انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمه الله ملخّصًا (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق أن الحق الذي لا يجوز أن يُعدَل عنه هو القول بوجوب غسل ولوغ الكلاب سبع مرّات، بل ثمان مرّات، كما سيأتي؛ لوضوح حجته كالشمس في رابعة النهار، والذين قالوا بغير هذا إما يُعتذر عنهم بأنه لم يصل إليهم الخبر، أو أعرضوا عنه؛ لما ظنّوه أرجح منه، والظنّ قد يُصيب، وقد يُخطئ، وهذا خطأ بلا شكّ، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): قال في "الفتح": خالف ظاهر هذا الحديث المالكية والحنفية، فأما المالكية فلم يقولوا بالتتريب أصلًا، مع إيجابهم التسبيع على


(١) راجع: "الأوسط" ١/ ٣٠٤ - ٣٠٥.
(٢) راجع: "التمهيد" ١٨/ ٢٦٧ - ٢٦٩.