للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"السابعة" مُعَيَّنةٌ، و"أو" إن كانت في نفس الخبر فهي للتخيير، فمُقتضى حمل المطلق على المقيد أن يُحْمَل على أحدهما؛ لأن فيه زيادة على الرواية المعينة، وهو الذي نَصَّ عليه الشافعيّ في "الأُمّ"، و"البُوَيطيّ"، وصرح به المرعشيّ، وغيره من الأصحاب، وذكره ابن دقيق العيد، والسبكيّ بحثًا، وهو منصوص كما ذكرنا، وإن كانت "أو" شَكًّا من الراوي، فرواية من عَيَّن ولم يَشُكَّ أولى من رواية من أبهم أو شك، فيبقى النظر في الترجيح بين رواية "أُولاهنّ" ورواية "السابعة"، وروايةُ "أولاهن" أرجح من حيث الأكثرية، والأحفظية، ومن حيث المعنى أيضًا؛ لأن تتريب الأخيرة يقتضي الاحتياج إلى غسلة أخرى لتنظيفه، وقد نَصَّ الشافعي في حرملة على أن الأُولى أَوْلى، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله في "الفتح" تحقيقٌ نفيسٌ، خلاصته ترجيح رواية "أُولاهن" روايةً ودرايةً على غيرها، فيكون التتريب في الغسلة الأولى، حتى يتحقّق التنظيف المطلوب على الوجه الأحسن والأليق، والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أولاهنّ"، وفي رواية: "أُخراهنّ" الذي يُفهَم منه أن المراد بالأولى المبتدأ بها، وبالأخرى المختتم بها، وفيه نزاع، وهو أن الأخرى تأنيث آخر - بفتح الخاء - وأن ذلك لا يدلّ إلا على المغايرة، لا على الانتهاء. قال ابن مالك - رحمه الله تعالى -: الفرق بي نآخرة وأخرى أن التي هي أنثى آخر لا تدلّ على الانتهاء، كما لا يدلّ عليه مذكّرها، فلذلك تعطف عليهما مثلهما من صنف واحد، كقولك: عندي رجل، وآخر، وآخر، وعندي امرأةٌ، وأُخرى، وأُخرى، وليس كذلك آخرة تدلّ على الانتهاء، كما يدلّ عليه مذكّرها، ولذلك لا يُعطَف عليهما مثلهما من صنف واحد، فلا يقال: جاء زيدٌ أول، وعمرو آخر، ورجلٌ آخر.


(١) "الفتح" ١/ ٣٣١.