للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فرق في ذلك بين الذكر والأنثى (١). (فِي الْمَاءِ الدَّائِم) أي الساكن، قال الفيّوميّ رحمه الله: دام الشيءُ يدوم دَوْمًا، ودَوَامًا، ودَيْمُومةٌ: ثَبَتَ، ودام غَلَيَانُ القِدْر: سَكَنَ، ودام الماء في الْغَدِير أيضًا، قال: ودام يَدَامُ، من باب خاف يَخَافُ لغةٌ. انتهى (٢).

وفي "اللسان": دام الشيءُ يَدُوم، ويَدَام، قال [من الرجز]:

يَا مَيَّ لَا غَرْوَ وَلَا مَلَامَا … فِي الْحُبِّ إِنَّ الْحُبَّ لَنْ يَدَامَا

وقولهم: دِمْتَ تدوم بالكسر في الماضي، والضمّ في المضارع من تداخل اللغتين، كمِتّ تَمُوت، وفَضَلَ يَفْضُلُ، وحَضرَ يَحْضُر، والأصل دُمْتَ تَدُوم، كقُلت تقول، ودِمْتَ تَدَام، كخِفْت تَخَاف، ثم تركبت اللغتان. انتهى با ختصار وتصرّف (٣).

وقال العينيّ رحمه الله: أصل الدوام الاستدارة، وذلك أن أصحاب الهندسة يقولون: إن الماء الدائم إذا كان بمكان، فإنه يكون مستديرًا في الشكل، ويقال: الدائم الواقف الذي لا يجري. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": قال ابن الأنباريّ: الدائم من حروف الأضداد، يقال للساكن والدائر، ومنه أصاب الرأس دَوَامٌ: أي دوار، وعلى هذا فقوله: "الذي لا يجري" صفة مخصصة لأحد معنيي المشترك، وقيلِ: الدائم والراكد مقابلان للجاري، لكن الدائم الذي له نَبْعٌ، والراكد الذي لا نبْعَ له. انتهى (٥).

(ثُمَّ يَغْتَسِلُ) بالرفع على المشهور، وقال ابن مالك رحمه الله: يجوز الجزم عطفًا على "يبولن"؛ لأنه مجزوم الموضع بـ "لا" الناهية، ولكنه بُنِي على الفتح؛ لتوكيده بالنون، ومَنَعَ ذلك القرطبيّ، فقال: لو أراد النهي لقال: ثم لا يغتسلنّ، فحينئذ يتساوى الأمران في النهي عنهما؛ لأن المحل الذي تواردا عليه شيء واحد، وهو الماء، قال: فعُدُوله عن ذلك يدُلّ على أنه لم يُرِد العطف، بل نَبّهَ على مآل الحال، والمعنى: أنه إذا بال فيه قد يَحتاج إليه، فيمتنع عليه استعماله، ومَثَّلَه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَضْرِبَنّ أحدكم امرأته ضربَ الأمة، ثم


(١) راجع: "المنهل العذب المورود" ١/ ٢٤٤.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٠٤.
(٣) لسان العرب ١٢/ ٢١٣.
(٤) "عمدة القاري" ٣/ ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٥) "الفتح" ١/ ٤١٣.