الغسل، أو استباحة الصلاة، أو استباحة ما لا يُستباح إلا بالغسل، فكلّه غسل عن الجنابة، قاله ابن دقيق العيد رحمه الله.
٥ - (ومنها): أن تقييده بكونه عن الجنابة يُخرج عنه ما ليس بغسل جنابة، كالغسل تبرّدًا وتنظّفًا، قال ابن دقيق العيد رحمه الله: وهذا قد يخدش في التعليل بالاستقذار والعِيَافة، فإن ذلك قد يحصل بمجرّد الاغتسال، وإن لم يكن عن جنابة، إلا أنها في الجنابة أقوى إن لم يتحقّق سلامة البدن من الأذى.
قال: ما ليس بغسل جنابة ينقسم قسمين:
أحدهما: ما لا يدخل في باب القرب، كما مثّلناه من التبرّد والتنظّف.
والثاني: ما هو داخل في باب القرب، كالأغسال المسنونة، مثلُ غسل العيدين، والكسوف، وغيرهما، فظاهر التقييد بغسل الجنابة يقتضي إباحة ذلك، ولكن فيه نظرٌ يختصّ به، وينفرد عن القسم الأول، وهو أداء العبادة. انتهى (١).
٦ - (ومنها): هل يتعدّى هذا الحكم إلى الوضوء حتى يكره أن يغمس المحدث أعضاءه في الماء الراكد للطهارة الصغرى؟.
أما من لا يقول بالقياس فلا شكّ أنه لا يُعَدّيه إليه، وأما من يقول به، فيُمكن أن يُعَدّيه بجامع الطهارة عن الحدث، إلا أن هذا ليس قياسًا في معنى الأصل، فيكون ملحقًا بفوائد الحديث، وليس أيضًا بقويّ؛ لأنه إن أخذ قياس شَبَه على ضعف قياس الشبه، فالاختلاف بين الحدث الأكبر والأصغر في الأحكام كثير يضعف ذلك القياس، وإن أخذ قياس علّة، فالعلّة المذكورة في هذا الحديث من الاستقذار والعِيَافة قد لا يساوي فيها الحدث الأصغر الحدثَ الأكبرَ، فيمتنع القياس؛ لفقدان شرطه، قاله ابن دقيق العيد رحمه الله.
قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة ما أشار إليه ابن دقيق العيد في كلامه هذا أن قياس الوضوء على الاغتسال غير صحيح، فالأولى الاقتصار على الاغتسال، وهو تحقيق جيّد، والله تعالى أعلم.