من أبواب إزالة النجاسة وأحكامها، قال: ثم هذا كلّه منهم يردّه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء طهورٌ لا يُنجّسه شيء إلا ما غيّر طعمه، أو لونه، أو ريحه".
قال ابن الملقّن: هذا الاستثناء ضعيف، ويقوّي الفرق الذي ذكروه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قام أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يَغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده"، رواه مسلم، كما قرّرناه هناك. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الشافعيّة من الفرق بين ورود الماء على النجاسة، وورودها عليه فرقٌ صحيحٌ، واستنباطه من هذا الحديث واضحٌ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بصبّ دلو من ماء على البول؛ ليُطهّره، وقد صحّ عنه منع المستيقظ من غمس يده في الماء قبل غسلها، حتى لا تفسده، فتبيّن بهذا أن ورود النجاسة على الماء غير وروده عليها، فاختلف حكمهما، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم.
١٤ - (ومنها): أن ابن الملقّن: استنبط من رواية أن هذا الأعرابيّ صلّى ركعتين، ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدًا. . .، صحّة صلاة مدافع الأخبثين، قال: لأن الظاهر من حال من يبول عقب الصلاة أنه كان يدافعه، ويحتمل أنه سبقه. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: في هذا الاستنباط نظر لا يخفى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): ذكر النوويّ في "شرحه" بحثًا نفيسًا يتعلّق بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ، لَا تَصْلُحُ لِشَيءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْل، وَلَا الْقَذَر، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عز وجل، وَالصَّلَاة، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ"، في رواية إسحاق بن أبي طلحة الآتية.
قال رحمه الله: في هذا الفصل مسائل ينبغي أن أذكر أطرافًا منها مختصرةً:
(أحدها): أجمع المسلمون على جواز الجلوس في المسجد للمحدِث، فإن كان جلوسه لعبادة، من اعتكاف، أو قراءة علم، أو سماع موعظة، أو