انتظار صلاة، أو نحو ذلك كان مستحبًّا، وإن لم يكن لشيء من ذلك كان مباحًا، وقال بعض أصحابنا: إنه مكروه، وهو ضعيف.
(الثانية): يجوز النوم عندنا في المسجد، نَصّ عليه الشافعيّ في "الأم"، قال ابن المنذر في "الإشراف": رَخَص في النوم في المسجد ابنُ المسيب، والحسن، وعطاء، والشافعيّ، وقال ابن عباس: لا تتخذوه مَرْقَدًا، ورُوي عنه أنه قال: إن كنت تنام فيه لصلاة فلا بأس، وقال الأوزاعيّ: يكره النوم في المسجد، وقال مالك: لا بأس بذلك للغرباء، ولا أرى ذلك للحاضر، وقال أحمد: إن كان مسافرًا، أو شبهه فلا بأس، وإن اتخذه مقيلًا، أو مبيتًا فلا، وهذا قول إسحاق، هذا ما حكاه ابن المنذر.
واحتَجَّ مَن جَوَّزه بنوم عليّ بن أبي طالب، وابن عمر، وأهل الصُّفَّة، والمرأة صاحبة الْوِشَاح، والغريبين، وثُمَامة بن أُثَال، وصفوان بن أمية، وغيرهم، وأحاديثهم في "الصحيح" مشهورة، والله تعالى أعلم.
ويجوز أن يُمَكَّن الكافر من دخول المسجد بإذن المسلمين، ويُمنَع من دخوله بغير إذن.
(الثالثة): قال ابن المنذر أباح كلُّ من يُحفَظ عنه العلم الوضوء في المسجد، إلا أن يتوضأ في مكان يَبُلّه، أو يتأذى الناس به، فإنه مكروه، ونقل الإمام أبو الحسن بن بَطّال المالكيّ هذا عن ابن عمر، وابن عباس، وعطاء، وطاوس، وابن القاسم المالكيّ، وأكثر أهل العلم، وعن ابن سيرين، ومالك، وسحنون أنهم كرهوه تنزيهًا للمسجد، والله تعالى أعلم.
(الرابعة): قال جماعة من أصحابنا - الشافعيّة -: يكره إدخال البهائم، والمجانين، والصبيان الذين لا يميزون المسجد لغير حاجة مقصودة؛ لأنه لا يؤمن تنجيسهم المسجد، ولا يَحرُم؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - طاف على البعير، ولا ينفي هذا الكراهة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - فَعَل ذلك بيانًا للجواز، أو ليَظْهَر؛ ليُقتَدَى به - صلى الله عليه وسلم -. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: القول بالكراهة فيه نظر؛ لأنه دليل عليه، ودعوى نجاسة بول البعير ونحوه غير صحيح، بل الراجح طهارته؛ لخبر قصّة العرنيين، وسيأتي تحقيق ذلك بعد ثلاثة أبواب - إن شاء الله تعالى -.