كان يحمل الطفل، ويجعله على جسده الشريف، ويتلطّف به، حتى إن منهم من يبول عليه، فلا يتأثّر، ولا يتأذّى بذلك، بل يصبر عليه، وهذا ما بيّنه الله تعالى بقوله:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ٤]، وقوله:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: ١٢٨]- صلى الله عليه وسلم -.
٦ - (ومنها): بيان ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من محبّتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث يأتون بأطفالهم، رجاء بركته، ودعوته المباركة.
٧ - (ومنها): استحباب تحنيك الأطفال.
٨ - (ومنها): استحباب حمل الأطفال إلى أهل العلم والصلاح؛ ليدعوا لهم بالبركة والصلاح، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في كيفيّة تطهير بول الغلام والجارية:
قال الإمام أبو بكر بن المنذر رحمه الله: قد اختَلَفَ أهل العلم في هذا الباب، فقالت طائفة: يُنضَح بولُ الغلام ما لم يأكل الطعام، ويُغسَل بول الجارية، رُوي هذا القول عن عليّ وأم سلمة، وعطاء، والحسن، وبه قال أحمد، وإسحاق.
وقالت طائفة: لا فرق بين بول الغلام والجارية في ذلك، هذا قول النخعيّ، وكان يرى أن يغسل ذلك، وبه قال سفيان في بول الغلام والجارية، قال: يُصَبّ عليه الماء، وكان أبو ثور يقول: يُغسَل بول الغلام والجارية، وإن ثبت حديث الرشّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان الرشّ جائزًا في بول الغلام.
وقد رَوَينا عن الحسن، والنخعيّ قولًا ثالثًا، وهو أن الغلام والجارية يُنضَحان جميعًا ما لم يَطْعَما.
قال ابن المنذر: يجب رَشّ بول الغلام بحديث أم قيس، وغَسلُ بول الجارية. انتهى (١).
وقال النوويّ رحمه الله: قد اختَلَف العلماء في كيفية طهارة بول الصبيّ والجارية على ثلاثة مذاهب، وهي ثلاثة أوجه لأصحابنا: