الصحيح المشهور المختار أنه يكفي النضح في بول الصبيّ، ولا يكفي في بول الجارية، بل لا بُدّ من غسله كسائر النجاسات.
والثاني: أنه يكفي النضح فيهما.
والثالث: لا يكفي النضح فيهما، وهذان الوجهان حكاهما صاحب "التَّتِمّة" من أصحابنا وغيره، وهما شاذّان ضعيفان.
وممن قال بالفرق عليّ بن أبي طالب، وعطاء بن أبي رَبَاح، والحسن البصريّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، وجماعة من السلف، وأصحاب الحديث، وابن وهب من أصحاب مالك - رضي الله عنهم -، ورُوي عن أبي حنيفة.
وممن قال بوجوب غسلهما أبو حنيفة، ومالك في المشهور عنهما، وأهل الكوفة، قال ابن دقيق العيد: اتبعوا في ذلك القياس، وقالوا: المراد بقولها: "ولم يغسله " أي غسلًا مبالغًا فيه، وهو خلاف الظاهر، ويُبعِده ما ورد في الأحاديث الأُخَرِ - يعني التي قدمناها من التفرقة بين بول الصبي والصبية - فإنهم لا يفرقون بينهما. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق من ذكر أقوال العلماء، وأدلّتهم أن أرجح الأقوال هو القول بالفرق بين بول الغلام والجارية، فيرشّ بوله، ويُغسل بولها، لقوّة أدلّته.
واحتجّوا بحديثي عائشة، وأم قيس - رضي الله عنهما - المذكورين في الباب.
وبما أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذيّ بإسناد صحيح، عن أبي السمح - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يُغسَلُ من بول الجارية، ويُرَشّ من بول الغلام".
ولفظه قال: كنت أخدُم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا أراد أن يغتسل قال:"وَلِّني قفاك"، فأوليه قفاي، فأستره به، فأتِي بحسن أو حسين - رضي الله عنهما -، فبال على صدره، فجئت أغسله، فقال:"يُغْسَل من بول الجارية، ويُرَشّ من بول الغلام".
فهذا الحديث الصحيح قد فرّق بين الغلام والجارية، فحكم على أن بوله