يُرشّ، وبولها يُغسل، فتبيّن به أن الفرق بين بوليهما هو الحقّ، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيهات]:
(الأول): قال النوويّ رحمه الله: هذا الخلاف إنما هو في كيفية تطهير الشيء الذي بال عليه الصبيّ، ولا خلاف في نجاسته، وقد نَقَل بعض أصحابنا إجماع العلماء على نجاسة بول الصبيّ، وأنه لم يخالف فيه إلا داود الظاهريّ، قال الخطابيّ وغيره: وليس تجويز مَن جَوّز النضح في الصبيّ من أجل أن بوله ليس بنجس، ولكنه من أجل التخفيف في إزالته، فهذا هو الصواب، وأما ما حكاه أبو الحسن بن بطال، ثم القاضي عياض، عن الشافعيّ وغيره أنهم قالوا: بول الصبيّ طاهر، فيُنضَح فحكاية باطلة قطعًا. انتهى (١).
(التنبيه الثاني): قال النوويّ رحمه الله أيضًا: قد اختَلَف أصحابنا في حقيقة النّضح هنا:
فذهب الشيخ أبو محمد الجوينيّ، والقاضي حسين، والبغويّ إلى أن معناه أن الشيء الذي أصابه البول يُغْمَر بالماء كسائر النجاسات، بحيث لو عُصِر لا يُعْصَر، قالوا: وإنما يخالف هذا غيره في أن غيره يُشتَرَط عصره على أحد الوجهين، وهذا لا يشترط بالاتفاق.
وذهب إمام الحرمين، والمحققون إلى أن النَّضْحَ أن يُغْمَر، ويُكاثَر بالماء مكاثرةً لا يَبلُغ جريان الماء وتردده وتقاطره، بخلاف المكاثرة في غيره، فإنه يُشتَرط فيها أن يكون بحيث يَجري بعضُ الماء، ويتقاطر من المحلّ، وإن لم يُشتَرط عصره، وهذا هو الصحيح المختار، ويدل عليه قولها:"فنضح، ولم يغسله"، وقوله:"فرَشَّه"، أي نَضَحه.
قال: ثم إن النضح إنما يُجزئ ما دام الصبيّ يَقتصر به على الرضاع، أما إذا أكل الطعام على جهة التغذية، فإنه يجب الغسل بلا خلاف. انتهى كلام النوويّ رحمه الله، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.