للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النسخ على الضبط الأول، ونصّ عليه النوويّ في "شرحه"، فيتعيّن، والله تعالى أعلم.

وقوله: (أَنْ رَأَيْتَهُ) يَحْتَمِل أن تكون أن بفتح الهمزة، مصدريّة، وأن تكون بكسرها شرطيّة، وهذا هو الذيّ نصّ عليه القرطبيّ - رحمه الله -، بأنه الرواية، فيتعيّن، ودونك عبارته: "أن رأيته" بفتح الهمزة روايتنا، ووجهها أنها مفعولة بإسقاط حرف الجرّ، تقديره: لأن رأيته، أو من أجل، وهو مع الفعل بتأويل المصدر، وكذلك قوله: (أَنْ تَغْسِلَ مَكَانَهُ) مفتوحة أيضًا على تأويل المصدر، وهو الفاعل بـ "يُجزئك". انتهى (١).

والضمير في "إن رأيته"، و"مكانه" يرجع إلى المنيّ الناشئ عن رؤيا النائم، كما بينته الروايات الأخرى.

(فَإنْ لَمْ تَرَ) بحذف المفعول؛ لكونه فضلةً، كما قال في "الخلاصة":

وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ … كَحَذْفِ مَا سِيقَ جَوَابًا أَوْ حُصِرْ

ووقع في نسخة: "فإن لِم تره"، أي إن لم تر المنيّ الذي أصاب ثوبك (نَضَحْتَ) من بابي ضرب، ونَفعَ، كما مضى قريبًا: أي رَشَشت الماء (حَوْلَهُ) أي في مكان الإصابة، وما في جوانبه، (وَلَقَدْ) وفي نسخة بحذف الواو (رَأَيْتُنِي)، أي رأيت نفسي (أفرُكُهُ) بضم الراء، يقال: فَرَكتُهُ عن الثوب فَرْكًا، من باب قَتَلَ، مثلُ حَتَتُّهُ، وهو أن تَحُكّه بيدك حتى يَتَفَتَّتَ، ويَتَقَشَّر، قاله الفيّوميّ (٢).

وجملة "أفرُكه" حال من الفاعل.

(مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرْكًا) منصوب على أنه مصدر مؤكّد، وفائدته - كما قيل - رفع احتمال المجاز (فَيُصَلِّي فِيهِ) الضمير للثوب الذي أصابه المنيّ، ونُظّف بالفرك، أي يصلّي النبيّ - صلي الله عليه وسلم - في ذلك الثوب الذي فَرَكت منه المنيّ، وقد اختَلَف العلماء في طهارة المنيّ، ونجاسته، وسيأتي بيان ذلك في المسألة الرابعة، مع ترجيح القول بطهارته - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المفهم" ١/ ٥٤٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٧١.