٣ - (ومنها): أن فيه خدمة المرأة زوجها في غسل ثيابه وشبهه، خصوصًا إذا كان يتعلّق بها، وهو من حسن العِشْرة، وجميل الصحبة.
٤ - (ومنها): أن المرأة الصالحة المتحبّبة إلى زوجها لا تأنَف، ولا تترفّع عن مثل هذه الأعمال من إزالة الأوساخ والفضلات من ثوب، أو بدن زوجها لما تعلمه من عِظَم قدر حقّه عليها.
٥ - (ومنها): أنه ينبغي نقلُ أحوال الشخص المقتدى به، وإن كان يُستحيى من ذكره في العادة للناس؛ ليقتدوا به.
٦ - (ومنها): العناية بإزالة المنيّ من الثوب، ونحوه، وسيأتي الخلاف هل هو للوجوب، أو للاستحباب، وهو الراجح - إن شاء الله تعالى -.
٧ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ - صلي الله عليه وسلم - من التقلّل من الحياة الدنيا ومتاعهما؛ إذ ثوب نومه هو ثوب صلاته، وخروجِه، وذلك كلُّه إرشاد منه - صلى الله عليه وسلم - لأمته بعدم الرفاهية فيها والرغبة فيما عند الله تعالى من نعيم الجنة.
٨ - (ومنها): أن الخروج على الناس مع وجود آثار الأمور العاديّة من الأكل والشرب والجماع لا يُعتبر إخلالًا بفضيلة خصلة الحياء.
٩ - (ومنها): أنه استَدَلّ به جماعة على طهارة رطوبة فرج المرأة، وهو الأصحّ عند الشافعيّة؛ لأن الاحتلام مستحيل في حقّه - صلى الله عليه وسلم - على الأشبه، فتعيّن أن يكون المنيّ من جماع.
وتُعُقّب بأنه قد يكون خرج بمقدّمات الجماع، فسقط منه شيء على الثوب، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في طهارة المنيّ، ونجاسته:
قال الإمام ابن المنذر - رحمه الله -: اختلفوا في طهارة المنيّ، فأوجب طائفة غسله من الثوب، فممن غسله من ثوبه: عمر بن الخطاب، وأمر بغسله: جابر بن سمرة، وابن عمر، وعائشة، وابن المسيب.
وقال مالك: غَسْلُ الاحتلام من الثوب أمر واجب، مجمع عليه عندنا، وهذا على مذهب الأوزاعيّ، وهو قول الثوريّ، غير أنه يقول بمقدار الدرهم.
واحتجّ هؤلاء بحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت أغسل المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.