٢ - (ومنها): أنه لا يُعفَى عن يسير الدم وكثيره؛ لإطلاق النصّ، حيث لم يفرّق النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما قال:"فاغسلي عنك الدم"، بين القليل والكثير، ولم يسأل المرأة عن مقداره، وهذا مذهب الشافعيّ، ويؤيّده أيضًا قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤]، ولم يرخّصوا إلا في دم البراغيث؛ لعدم الاحتراز عنه.
وأما المالكيّة، والحنفيّة، فقد حملوا الحديث على الدم الكثير، والأول هو الأرجح.
قال الإمام ابن المنذر - رحمه الله -: غسل دم الحيضة يجب لأمر النبيّ - صلي الله عليه وسلم - بغسله، وحكم سائر الدماء كحكم دم الحيض، لا فرق بين قليل ذلك وكثيره، وليس لقول من قال:"إذا كان ما أدركه الطَّرْفُ منه لا تكون لمعة لا يُفسد الصلاة" معنًى؛ لأن الأخبار على العموم، ويدخل فيها قليل الدم وكثيره فيما أمر النبيّ - صلي الله عليه وسلم - من غسل دم الحيضة، وليس لأحد أن يستثني من ذلك شيئًا بغير حجة. انتهى (١).
٣ - (ومنها): أن طهارته شرط لصحّة الصلاة.
٤ - (ومنها): أن هذه النجاسة، وأمثالها لا يُعتبَر في تطهيرها عدد، ولا تراب، وإنما الشرط فيها الإنقاء.
قال النوويّ - رحمه الله -: (اعلم): أن الواجب في إزالة النجاسة الإنقاء، فإن كانت النجاسة حُكْمية، وهي التي لا تشاهَدُ بالعين، كالبول ونحوه، وجب غسلها مرةً، ولا تجب الزيادة، ولكن يستحب الغسل ثانية وثالثة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا"، وقد تقدم بيانه، وأما إذا كانت النجاسة عينية، كالدم وغيره، فلا بُدّ من إزالة عينها، ويستحب غسلها بعد زوال العين ثانية وثالثة، وهل يشترط عصر الثوب إذا غسله؟ فيه وجهان، الأصح أنه لا يشترط، وإذا غسل النجاسة العينية، فبقي لونها لم يضرّه، بل قد حصلت الطهارة، وإن بقي طعمها، فالثوب نجس، فلا