للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو أنه ليس برسول إليهم، على اختلاف آرائهم في الضلالة، فكان هذا أول واجب يُدْعَون إليه (١).

(فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ) أي شَهِدُوا، وانقادوا للإتيان بالشهادتين، وفي رواية للبخاريّ: "فإن هم أطاعوا لك بذلك"، وفي رواية ابن خزيمة: "فإن هم أجابوا لذلك"، وفي رواية الفضل بن العلاء: "فإذا عَرَفُوا ذلك"، وعَدَّى "أطاع" باللام وإن كان يتعدى بنفسه لتضمنه معنى انقاد.

قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: أما طاعتهم بالصلاة فتحتمل وجهين:

[أحدهما]: أن يكون المراد إقرارهم بوجوبها وفرضيّتها عليهم، والتزامهم لها.

[والثاني]: أن يكون المراد الطاعة بالفعل، وأداء الصلاة، وقد رُجّح الأول بأن المذكور في لفظ الحديث هو الإخبار بالفرضيّة، فتعود الإشارة بذلك إليها، ويرجّح الثاني بأنهم لو أُخْبِرُوا بالوجوب، فبادروا بالامتثال بالفعل لكفى، ولم يُشترط تلفّظهم بالإقرار بالوجوب، وكذلك نقول في الزكاة: لو امتثلوا بأدائها من غير تلفّظ بالإقرار لكفى، فالشرط عدم الإنكار، والإذعان، لا التلفّظ بالإقرار. انتهى (٢).

ونقل الصنعانيّ عن ابن الملقّن أن الاحتمال الأول (٣) هو الظاهر، قال: وفي "فتح الباري": الذي يظهر أن المراد القدر المشترك بين الأمرين، فمن امتثل بالإقرار بالفعل كفاه، والأولى أن يكون الامتثال بهما، لكن لم يُذكَر في الحديث.

قال الصنعانيّ: ويظهر أن المراد: فَأَخْبِرْهم أن الله قد فرض عليهم فعل خمس صلوات في اليوم والليلة، لا أنه فَرَضَ الإقرار بوجوبها خمس مرّات، كما عبّر في غيره بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتُقيم الصلاة"، وإقامتها فعلُها، فطاعتهم بفعلها


(١) "عمدة القاري" ٧/ ١٦١.
(٢) "إحكام الأحكام" ٣/ ٢٧٤ - ٢٧٥ بنسخة حاشية "العدّة".
(٣) أي كون المراد مجموع الأمرين: الإقرار بالوجوب، والتزامهم لها.