للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دون المؤاكلة، والمجالسة، والافتراش، أي فابعُدوا عنهنّ في المحيض، أي في مكان الحيض، وهو الفرج، أو حوله مما بين السرّة والركبة احتياطًا. انتهى (١).

وقوله: (إِلَى آخِرِ الْآيَةِ) متعلّق بـ "أنزل الله".

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) مبيّنًا للاعتزال المذكور في الآية بكونه مقصورًا على بعض أفراده ("اصْنَعُوا)، أي افعلوا (كُل شَيْءٍ) من أنواع الاستمتاع، كالمباشرة، والقُبْلة، والمعانقة، واللمس، وغير ذلك، وفي رواية النسائيّ: "فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤاكلوهنّ، ويشاربوهنّ، ويجامعوهنّ في البيوت" (إِلَّا النِّكَاحَ")، أي الجماع في الفرج، وفي رواية النسائيّ: "ما خلا الجماع"، و"النكاح" في اللغة يُطلق على الوطء، وعلى العقد، يقال: نكحتها: إذا وطئتها، أو تزوّجتها (٢)، فرواية النسائيّ مبيّنة للمراد من رواية المصنّف.

وقال القاري رَحمه الله: قوله: "إلا النكاح" أي الجماع، وهو حقيقةٌ في الوطء، وقيل: في العقد، فيكون إطلاقًا لاسم السبب على المسبّب. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ رَحمه الله: قوله: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" تفسير للآية، وبيان لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢]، فإن الاعتزال شاملٌ للمجانبة عن المؤاكلة، والمضاجعة، والمجامعة، لكنّه قُيّدَ بقوله تعالى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢]، فعُلم أن المراد منه المجامعة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اصنعوا كلّ شيء إلا النكاح"، أي الجماع؛ إطلاقًا لاسم السبب على المسبّب؛ لأن عقد النكاح سبب للجماع. انتهى (٤).

(فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ)، أي وصل إليهم خبر ما قاله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أمر الصحابة - رضي الله عنهم - بأن يصنعوا في النساء كلّ شيء إلا الجماع في الفرج، (فَقَالُوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ) يعنون النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية النسائيّ: "ما يدَعُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - … "، وهو من الرواية بالمعنى؛ لأن اليهود لا تعترف


(١) "المرقاة" ٢/ ٢٤٤.
(٢) "المصباح" ٢/ ٦٢٤.
(٣) "المرقاة" ٢/ ٢٤٤.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٨٥٥.