للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية لأبي داود، والنسائيّ، بإسناد صحيح، وصححه ابن خزيمة، وابن حبّان بعدَ "مذّاء": "فجعلتُ أغتسل في الشتاء، حتى تشقّق ظهري، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو ذُكر له - فقال: لا تفعل، إذا رأيت المذي، فاغسل ذكرك، وتوضّأ وضوءك للصلاة، فإذا فَضَخْت الماء، فاغتسل".

ومعنى "فَضَختَ" بالفاء، والخاء المعجمة: دَفَقتَ.

وفي "سنن البيهقيّ" من حديث ابن جريج، عن عطاء أن عليًّا كان يُدخل في إحليله الفتيلة من كثرة المذي (١).

(وَكُنْتُ أَسْتَحْيِي) مضارع استحيى، والاستحياء، وهو انقباض النفس؛ خشيةَ ارتكاب ما يُكرَه، وقال الفيّوميّ: الاستحياء: هو الانقباض، والانزواء، قال الأخفش: يتعدّى بنفسه، وبالحرف، فيقال: استحييتُ منه، واستحييته، وفيه لغتان: إحداهما لغة الحجاز، وبها جاء القرآن بياءين، والثانية لغة تميم بياء واحدة. انتهى (٢).

وقال ابن الملقّن - رحمه الله -: المراد بالحياء هنا: تغيّر وانكسارٌ يَعْرِض للإنسان من تخوّف ما يُعاتب به، أو يُذمّ عليه، وأما الحياء الشرعيّ الممدوح عليه الذي لا يأتي إلا بخير، فهو: رؤية النعم، ورؤية التقصير، فيتولّد بينهما حالة تُسمّى حياءً، وتلك حالة حاملة على مزيد الشكر، واستقصار الأعمال، والحياء المذموم، كالحياء المانع من التعلّم، وحياءُ عليّ - رضي الله عنه - لم يقض عليه، ولهذا أرسل، وسأل. انتهى (٣).

(أَنْ أَسْأَل النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -) "أن" مصدريّة، والمصدر المؤوّل مفعول "أستحيي"، أي أستحيي سؤالَهُ، أو من سؤاله، عن حكم المذي، هل هو موجب للغسل كالمنيّ، أم لا؟.

قال ابن الملقّن - رحمه الله -: قوله: "أن أسأل" تقديره من أن أسأل، وحرف الجرّ يُحذف من "أنّ"، و"أَنْ" قياسًا، ثم اختَلف النحاة، هل يكون "أنّ"،


(١) راجع: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١/ ٦٤٤.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٦٠.
(٣) "الإعلام" ١/ ٦٤٤ - ٦٤٥.