للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"أنْ" في موضع نصب، أو جرّ؟. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: وإلى هذه القاعدة التي ذكرها ابن الملقّن - رحمه الله - أشار في "الخلاصة"، حيث قال:

وَعَدِّ لَازِمًا بِحَرْفِ جَرِّ … وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ لِلْمُنْجَرِّ

نَقْلًا وَفِي "أَنَّ" وَ"أَنْ يَطَّرِدُ" … مَعْ أَمْنِ لَبْسٍ كَـ "عَجِبْتُ أَنْ يَدُوا"

وقوله: (لِمَكَانِ ابْنَتِهِ) متعلّقٌ بـ "أستحيي"، فهو علّة الاستحياء من السؤال، وفي الرواية التالية: "من أجل فاطمة"، وفي رواية النسائيّ: "وكانت فاطمة ابنة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تحتي، فاستحييت أن أسأله".

والمعنى: أنه استحيى من سؤال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن حكم المذي؛ لكون ابنته فاطمة - رضي الله عنها - تحته، والمذي إنما يخرج كثيرًا بسبب ملاعبة الزوجة، وكان في السؤال عن كثرته تعريض بشيء من أحوال ابنته التي يستحيي من إظهارها؛ لأن مثل هذا لا يكاد يُفصح به، ولا سيّما بحضرة الأكابر، وإنما عَلَّل الحياء بذلك؛ رفعًا للّوم عنه بأن الاستحياء من السؤال في الحقّ، وتعلّم الأحكام الدينيّة؛ مذموم (٢).

(فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ) أي التمست منه أن يسأل عن ذلك.

والمِقداد - بكسر الميم، وسكون القاف، وبالمهملتين - ابن الأسود: هو المقداد بن عَمْرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة الْبَهْرانيّ، ثم الْكِنْديّ، ثم الزهريّ، كان أبوه حليفًا لبني كِنْدة، وكان هو حليفًا للأسود بن عبد يغوث الزهريّ، فتبنّاه الأسود، فنُسب إليه، صحابيّ مشهور، من السابقين إلى الإسلام، مات - رضي الله عنه - سنة (٣٣)، وهو ابن (٧٠) سنة، تقدّمت ترجمته في "الإيمان" ٤٣/ ٢٨١.

قال الجامع عفا الله عنه: اختلفت الروايات في السائل، ففي هذه الرواية، "فأمرت المقداد إلخ"، وفي رواية للبخاريّ: "فأمرت رجلًا"، وفي رواية أحمد، والنسائيّ: "فأمرت عمّارَ بن ياسر"، وفي "صحيح ابن خزيمة"، وغيره: رواية: "أن عليًّا سأل" من غير شكّ، وقد جمع ابن حبّان - رحمه الله - بأنه يحتمل أن يكون عليّ أمر عمّارًا أن يسأل، ثم أمر المقداد أيضًا، ثم سأل


(١) "الإعلام" ١/ ٦٤٥.
(٢) راجع: "مرقاة المفاتيح" ٢/ ٣٢.