للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بنفسه (١)، وهو جمع حسنٌ، وسيأتي نقل عبارته بطولها قريبًا - إن شاء الله تعالى -.

وجمع النوويّ في "شرح المهذّب" بأن قال: رواية: "فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -" المراد: أمرت من ذكر، كما جاء في معظم الروايات، قال: وتُحْمَل رواية: "فأمرت المقداد"، ورواية: "فأمرت عمّارًا" على أنه أمر أحدهما، ثم أمر الآخر قبل أن يُخبر الأول. انتهى (٢).

(فَسَأَلَهُ) يقال: سأله كذا، وعن كذا، وبكذا، يتعدّى بنفسه إلى المفعول الثاني، وبـ "عن"، وبالباء، والأمر: سَلْ، واسأل، ويقال: سال يسال، كخاف يخاف، أفاده في "القاموس" (٣).

والمعنى: أن المقداد - رضي الله عنه - سأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سؤالًا مبهمًا بأن قال: رجل خرج من ذكره مذي، فما الحكم فيه؟، وفي الرواية الثالثة: "فسأله عن المذي الذي يَخرُج من الإنسان، كيف يفعل به؟ ".

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - جوابًا عن سؤاله (يَغْسِلُ) الرواية بالرفع، وهو خبر بمعنى الأمر، بدليل الرواية الآتية بلفظ: "توضّأ، وانضح فرجك"، أي ليغسل الرجل المسئول له.

قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: المشهور في الرواية "يَغْسِلُ" بالرفع، على صيغة الإخبار، وهو استعمال لصيغة الإخبار بمعنى الأمر، واستعمال صيغة الإخبار بمعنى الأمر جائزٌ؛ لما يشتركان فيه من معنى الإثبات للشيء، ولو رُوي يَغْسِل ذكره بالجزم على حذف اللام الجازمة، وإبقاء عملها لجاز عند بعضهم على ضعف، ومنهم من منعه إلا للضرورة، كقوله [من الوافر]:

مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ … إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ أَمْرٍ تَبَالَا (٤)

أي لتفد، وأجازه الفرّاء بلا ضعف، وجعل منه قوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: ٣١]، وارتكابه لذلك في الآية؛ لأنه استبعد


(١) راجع: "الإحسان بتقريب صحيح ابن حبّان" ٣/ ٣٩٠.
(٢) راجع: "المجموع" ٢/ ١٤٣ - ١٤٤.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٩١١.
(٤) راجع: "إحكام الأحكام" مع حاشيته "العدّة" ١/ ٣١٠ - ٣١١.