للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يكون القول سببًا للإقامة، قال الرضيّ: والأولى أن يقال: هو مجزوم لأنه جواب الأمر، ولا يلزم أن يكون الشرط علّة تامّةً لحصول الجزاء، بل يكفي في كونه شرطًا توقّف الجزاء عليه، وإن كان متوقّفًا أيضًا على أشياء أخرى، وقال بعضهم: جَزَمه لكونه شبه الجواب، وفي "الكشّاف" القول محذوف؛ لأن جواب {قُلْ} يدلّ عليه، والتقدير: قل للذين آمنوا أقيموا الصلاة وأنفقوا يقيموا الصلاة وينفقوا. انتهى (١).

[تنبيه]: قال ابن الملقّن - رحمه الله -: جاء في القرآن الأمر بلفظ الخبر، كقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [البقرة: ٢٣٣]، {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: ٢٢٨]، وجاء أيضًا الخبر بلفظ الأمر، كقوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: ٧٥]، والسرّ في العدول عن الأصل فيهما ما أبداه الفاكهيّ:

أما سرّ الأول، فلأن الخبر يستلزم ثبوت مخبَره، ووقوعَهُ إذا كان مبيّنًا، بخلاف الأمر، فإذا عُبّر عن الأمر بلفظ الخبر كان ذلك آكد؛ لاقتضائه الوقوع حتى كأنه واقع، ولذلك اختير الدعاء بلفظ الخبر تفاؤلًا بالوقوع.

وأما سرّ الثاني، فلأن الأمر شأنه أن يكون بما فيه داعيةٌ للأمر، وليس الخبر كذلك، فإذا عُبِّر عن الخبر بلفظ الأمر أشعر ذلك بالداعية، فيكون ثبوته، وصدقه أقرب. انتهى (٢).

(ذَكَرَهُ) لخروج النجس عنه؛ لأن المذي نجس، واختُلف في المراد بغسل الذكر، هل هو جميعه، أو ما تلوّث بالمذي، وسيأتي تحقيق ذلك في المسألة الرابعة مع ترجيح القول بوجوب غسل جميعه - إن شاء الله تعالى -، (وَيَتَوَضَّأُ) أي لانتقاض وضوئه بسبب خروج المذي منه، وفي رواية النسائيّ: "ويتوضّأ وضوءه للصلاة"، أي كما يتوضّأ إذا قام لها، لا أنه يجب الوضوء بمجرّد خروجه، كما ادّعاه قوم، قال في "الفتح": واستُدِلّ به على أن الغسل لا يجب بخروج المذي، وصَرّح بذلك في رواية لأبي داود وغيره، وهو إجماع، وعلى أن الأمر بالوضوء منه كالأمر بالوضوء من البول، وحَكَى الطحاويّ عن قوم


(١) راجع: "العدّة حاشية العمدة" ١/ ٣١١.
(٢) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١/ ٦٤٩ - ٦٥٠.