للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): جواز الاستنابة في الاستفتاء.

٥ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على قبول خبر الواحد، وعلى جواز الاعتماد على الخبر المظنون، مع القدرة على المقطوع.

قال الحافظ: وفيهما نظر؛ لما قدمناه من أن السؤال كان بحضرة عليّ، ثم لو صحّ أن السؤال كان في غيبته، لم يكن دليلًا على المدَّعَى؛ لاحتمال وجود القرائن التي تَحُفّ الخبر، فترقيه عن الظن إلى القطع، قاله القاضي عياض.

وقال ابن دقيق العيد: المراد بالاستدلال به على قبول خبر الواحد، مع كونه خبر واحد، أنه صورة من الصور التي تدلّ، وهي كثيرة تقوم الحجة بجملتها، لا بفرد معيّن منها (١).

وعبارة القاضي عياض: قال المازريّ: فيه أن عليًّا كلّف من يسأل له مع القدرة على المشافهة، فإن كان أراد أن يكون سؤال الرسول بحضرته، فيسمع منه، وإنما احتشم من مشافهته؛ لكون ابنته عنده، فلا اعتراض في ذلك، وإن لم يُرد ذلك، فإنه يقال: كيف يُجزئ خبر الواحد عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع القدرة على القطع، وسماع قوله؟ وهل يكون هذا كالاجتهاد مع القدرة على النصّ، وفي ظاهر الرواية المذكورة أنه قال: أرسلنا المقداد، إشارةً إلى أنه لم يحضر مجلس السؤال.

قال القاضي عياض: قد تفترق عندي هذه المسألة عن مسألة الاجتهاد مع وجود النصّ، فإن الاجتهاد مع القدرة على النصّ خطأ محضٌ، حتى لو كان النصّ خبر واحد لكان الاجتهاد معه خطأ إلا إذا خالف الخبر الأصول، وعارض القياس (٢)، فبين الأصوليين والفقهاء فيه اختلاف، والأصحّ تقديم خبر


(١) "الفتح" ١/ ٤٥٣.
(٢) لا يوجد خبر صحيح يخالف الأصول والقياس أصلًا، بل ذلك لا يخلو عن أحد أمرين، إما لا يصحّ ذلك الخبر من جهة إسناده، أو نكارة متنه، وإن ظُنّ أنه صحيح ظاهرًا، وإما أن ذلك القياس فاسد، وإن ظُنّ أنه قياس صحيح، وقد أشبعت الكلام في هذا في: "التحفة المرضيّة" في الأصول، وفي شرحها، فراجعه تجد ما يشفيك، وبالله تعالى التوفيق.