للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٨ - (ومنها): أن فيه جواز الاستنابة في الاستفتاء للعذر، سواء كان المستفتي حاضرًا أو غائبًا، قال ابن الملقّن: وأغرب ابن القطّان المالكيّ المتأخّر، فمنع الاستنابة في ذلك معلّلًا بتطرّق الوهم إلى النائب، بخلاف الصحابة - رضي الله عنهم -، فإنهم ثقاتٌ فصحاء، وهذا القول ضعيف (١).

٩ - (ومنها): أنه قد يؤخذ منه جواز دعوى الوكيل بحضرة موكله، قاله في "الفتح".

١٠ - (ومنها): بيان ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من شدّة احترامهم للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وتوقيره.

١١ - (ومنها): أن المازريّ قال: لم يبيّن في هذه الروايات، هل أمره أن يسأل سؤالًا عامًّا أو خاصًّا؟، فإن كان لا يلتفت إلى كيفيّة السؤال، ففيه دلالة على أن قضايا الأعيان تتعدّى، وهي مسألة أصوليّةٌ، مختلف فيها؛ لأنه لو كان يرى أنها لا تتعدّى لأمره أن يسأله سؤلًا يخصه، ويسمّي له السائل، فإنه قد يُفتح له ما لا يُفتح لغيره.

قال الجامع عفا الله عنه: رواية المصنّف الأخيرة بلفظ: "فسأله عن المذي يخرج عن الإنسان"، ظاهرة في كون السؤال عامًّا، وكذا رواية "الموطأ" بلفظ: "أن يسأل عن الرجل إذا دنا من أهله، يخرُج منه المذي"، نبّه عليه ابن الملقّن - رحمه الله - (٢)، والله تعالى أعلم.

١٢ - (ومنها): أن الإمام البخاريّ - رحمه الله - ترجم لهذا الحديث في "كتاب العلم" من "صحيحه" بقوله: "باب من استحيى، فأمر غيره بالسؤال". انتهى، أي ففيه الجمع بين المصلحتين: استعمال الحياء، وعدم التفريط في معرفة الحكم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قال النوويّ - رحمه الله -: فيه أن الاستنجاء بالحجر إنما يجوز الاقتصار عليه في النجاسة المعتادة، وهي البول، والغائط، أما النادر، كالدم، والمذي، وغيرهما، فلا بُدّ فيه من الماء، وهذا أصح القولين في مذهبنا، وللقائل الآخر بجواز الاقتصار فيه على الحجر قياسًا على المعتاد أن


(١) راجع: "الإعلام" ١/ ٦٥٥.
(٢) راجع: "الإعلام" ١/ ٦٥٨ - ٦٥٩.