للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

به على الطحاويّ حيث جنح إلى أن المراد به التنظيف، واحتجّ بأن ابن عمر - رضي الله عنهما - روى هذا الحديث، وكان يتوضّأ، وهو جنبٌ، ولا يغسل رجليه، كما رواه مالك في "الموطّأ" عن نافع، عنه، ويردّ أيضًا بأن مخالفة الراوي لما روى لا تقدح في مرويّه، ولا تصلح لمعارضته، وقد أشبعت الكلام في هذا في "شرح النسائيّ"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

٥ - (ومنها): ما قيل: إن الحكمة في هذا الوضوء تخفيف الحدث، ولا سيّما على القول بجواز تفريق الغسل، فينويه، فيرتفع الحدث عن تلك الأعضاء المخصوصة على الصحيح، ويؤيّده ما رواه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات، عن شدّاد بن أوس الصحابيّ - رضي الله عنه -، قال: "إذا أجنب أحدكم من الليل، ثم أراد أن ينام، فليتوضّأ، فإنه نصف غسل الجنابة" (١).

وقيل: الحكمة فيه أنه إحدى الطهارتين، فعلى هذا يقوم التيمم مقامه، وقد رَوَى البيهقيّ بإسناد حسن، عن عائشة - رضي الله عنها - أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أجنب، فأراد أن ينام توضأ، أو تيمم، وَيحْتَمِل أن يكون التيمم هنا عند عسر وجود الماء، ذكره في "الفتح" (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: واختَلَفَ العلماءُ في حكمة هذا الوضوء، فقال أصحابنا: لأنه يُخَفِّف الحدث، فإنه يرفع الحدث عن أعضاء الوضوء، وقال أبو عبد الله المازريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: اختُلِف في تعليله، فقيل: ليبيت على إحدى الطهارتين؛ خشيةَ أن يموت في منامه، وقيل: بل لعله أن يَنشَط إلى الغسل إذا نال الماء أعضاءه، قال المازريّ: ويجري هذا الخلاف في وضوء الحائض قبل أن تنام، فمن عَلَّل بالمبيت على طهارة استحبّه لها. انتهى.

قال النوويّ: وأما أصحابنا فإنهم متفقون على أنه لا يستحب الوضوء للحائض والنفساء؛ لأن الوضوء لا يؤثر في حدثهما، فإن كانت الحائض قد انقطعت حيضتها صارت كالجنب. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الشافعيّة من عدم استحباب الوضوء


(١) "الفتح" ١/ ٦٦٩.
(٢) "الفتح" ١/ ٤٦٩.
(٣) "شرح النوويّ" ٣/ ٢١٨.