للحائض هو الحقّ؛ لأنه لا دليل عليه، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في الجنب إذا أراد النوم:
قال الإمام أبو بكر بن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: اختلفوا فيما يفعله الذي يريد النوم، وهو جنب، فقالت طائفة بظاهر هذه الأخبار التي رُويت في هذا الباب، وممن رُوي عنه أنه قال ذلك: عليّ، وشداد بن أوس، وأبو سعيد، وابن عباس، وعائشة، والنخعيّ، والحسن، وعطاء، ومالك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.
وقد رَوَينا عن ابن عمر أنه كان يتوضأ وضوءه للصلاة، إلا غسل قدميه، وذلك إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام.
وفيه قول ثالث، قاله ابن المسيِّب، قال: إن شاء الجنب نام قبل أن يتوضأ.
وقال أصحاب الرأي في الجنب إذا أراد أن ينام، أو يعاود أهله قبل أن يتوضأ، فلا بأس بذلك، إن شاء توضأ، وإن شاء لم يتوضأ، فإذا أراد أن يأكل غسل يديه، وتمضمض، ثم يأكل.
قال ابن المنذر: وبالقول الأول أقول، وذلك للأخبار الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - الدالة على ذلك، قال: وفي قوله: "يتوضأ وضوءه للصلاة"، دليل على أن الوضوء الذي يتوضأه من أراد النوم، وهو جنب وضوءٌ كاملٌ تامّ، لو لم يكن جنبًا كان له أن يصلي به. انتهى كلام ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي اختاره ابن المنذر: من أن من أراد أن ينام يتوضّأ وضوء الصلاة هو الذي أختاره؛ للأدلّة الواضحة الكثيرة، وقد ذُكر بعضها في الباب، وسيأتي بيان الخلاف هل هذا الوضوء واجب أم مستحبّ؛ في هذا الباب عند شرح حديث عمر - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في الجنب إذا أراد الأكل والشرب: