للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا صرّح في "الفتح" بأن الكفّ يذكّر، ويؤنّث، وكذا صرّح العينيّ به، وهو خلاف الصواب، فقد صرّح أهل اللغة، ونصّوا على أن الكفّ مؤنّث، كما أسلفته، ومن الغريب اعتراض العينيّ في هذا على الكرمانيّ، ودونك عبارتهما:

قال الكرمانيّ: [فإن قلت]: الكفّ مؤنّثة، فلم دخلت التاء في الثلاثة؟ [قلت]: المراد من الكفّ قدر ما فيها، فباعتباره دخلت، أو باعتبار العضو. انتهى.

فاعترض عليه العينيّ، فقال: قلت: في الجواب الأول نظرٌ، والثاني لا بأس به، والأحسن أن يقال: الكفّ يذكّر ويؤنّث، فيجوز دخول التاء، وتركه على الاعتبارين. انتهى (١).

وهذا الاعتراض غير صحيح، فما قاله الكرماني من التأويل وجيه، فما استحسنه العينيّ من جواز التذكير والتأنيث فلا وجه له؛ لأنه لم يأت له بحجة من كلام أهل اللغة، بل نصّوا على أنه غلط.

ثم وجدت السيّد محمد المرتضى رحمه الله في "شرح القاموس" قد حقّق الموضوع، فأفاد وأجاد، ودونك نصّه: قال: قال شيخنا: الكفّ مؤنّثة، وتذكيرها غلطٌ، غير معروف، وإن جوّزه بعضٌ تأويلًا، وقال بعض: هي لغة قليلةٌ، فالصواب أنه لا يُعرف، وما ورد حملوه على التأويل، ولم يتعرّض المصنّف - يعني صاحب "القاموس" - لذلك قصورًا، أو بناءً على شُهرته، أو على أن الأعضاء المزدوجة كلها مؤنّثة. انتهى (٢)، وهو تحقيقٌ مفيدٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

قال في "الفتح": والمراد أنه يأخذ في كلّ مرّة كفّين، ويدلّ على ذلك رواية إسحاق بن راهويه من طريق الحسن بن صالح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال في آخر الحديث: "وبسط يديه"، ويؤيّده حديث جُبير بن مُطعم، حيث قال: "وأشار بيديه كلتيهما"، قال: والكفّ اسم جنس، فيُحمل على الاثنين،


(١) راجع: "عمدة القاري" ٣/ ٣٠١.
(٢) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٦/ ٢٣٤.