أخرجه (المصنّف) هنا في "الحيض"[١٠/ ٧٤٨](٣٢٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٣٠٤)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٨٥٨)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٧٣٣)، وفوائد الحديث تقدّمت في الحديث الماضي، وستأتي أيضًا بعده، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في جواز إبدال النبيّ بالرسول، وعكسه: قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله: الظاهر أنه لا يجوز تغيير: "قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -" إلى "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ولا عكسه، وإن جازت الرواية بالمعنى، وكان أحمد إذا كان في الكتاب "عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، وقال المحدث:"رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ضَرَبَ، وكتب:"رسول الله"، وعَلّل ابن الصلاح ذلك، فقال: لاختلاف معنى النبيّ والرسول؛ لأن الرسول مَن أوحي إليه للتبليغ، والنبيّ مَن أوحي إليه للعمل فقط (١).
وتعقّبه النووي، فقال: والصواب جوازه؛ لأنه وإن اختلف معناه في الأصل، لا يختلف به هنا معنى؛ إذ المقصود نسبة القول لقائله، وذلك حاصل بكل من الموضعين، وهو مذهب أحمد بن حنبل، فقد سأله ابنه صالح عنه، فقال: أرجو أن لا يكون به بأس، وما تقدّم عنه محمول على استحباب اتّباع اللفظ دون اللزوم، وهو مذهب حماد بن سلمة، والخطيب البغداديّ أيضًا.
وقد استَدَلّ بعضهم للمنع بحديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما - في الدعاء عند النوم، وفيه:"ونبيّك الذي أَرْسَلْتَ"، فأعاده على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ورسولك الذي أَرْسلتَ، فقال:"لا، ونبيّك الذي أرسلتَ".
(١) هذا التعريف غير صحيح، بل الصواب أن الرسول من جاء بشرع جديد، والنبيّ من أوحي إليه بتجديد شريعة من قبله، فهو مأمور بالتبليغ، أي: بتبليغ شرع الرسول الذي قبل، وأما أن لا يؤمر بالتبليغ فتعريف باطلٌ، كيف لا يؤمر بالتبليغ، وهو نبيّ، وآحاد المؤمنين مأمور بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتبيلغ أحكام الشريعة؟ فتفطّن لهذه الدقيقة، فإنها من مزالّ الأقدام، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.