للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والفقهاء، وغيرهم، ومعناه: أُحْكِم فَتْلَ شَعْري، وقال الإمام ابن بَرِّيّ في الجزء الذي صنَّفه في لحن الفقهاء: من ذلك قولهم في حديث أم سلمة: "أَشُدُّ ضَفْرَ رأسي" يقولونه بفتح الضاد، وإسكان الفاء، وصوابه ضم الضاد، والفاء جمع ضَفِيرة، كسَفِينة وسُفُن، وهذا الذي أنكره رحمه الله ليس كما زعمه، بل الصواب جواز الأمرين، ولكل منهما مَعْنًى صحيحٌ، ولكن يترجح ما قدمناه؛ لكونه المرويّ المسموع في الروايات الثابتة المتصلة. انتهى (١).

وقال المجد رحمه الله: ضَفَرَ الشعرَ يَضفِره: نسج بعضه على بعض، والحبلَ فَتَلهُ، وعَدَا، وسَعَى. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: "الضَّفِيرة"، من الشعر: الْخُصْلة من الشعر والجمع ضَفائر، وضُفُرٌ بضمّتين، وضَفَرتُ الشعرَ ضَفْرًا، من باب ضرب: إذا جعلته ضفائر، كلُّ ضَفِيرة على حِدَةٍ بثلاث طاقات فما فوقها، والضَّفِيرة: الذُّؤابةُ. انتهى (٣).

(فَأَنقُضُهُ؟) بتقدير همزة الاستفهام، ووقع في بعض النسخ: "أفأنقضه؟ " بذكرها، فتكون داخلة على محذوف، أي: ألا يَجزيني غسل الشعر مضفورًا، فأنقضه؟، أو هي مقدّمة من تأخير، كما سبق البحث في ذلك مستوفًى.

وقال القرطبيّ رحمه الله: قولها: "أفأنقضه" صحيح الرواية بالقاف، وقد وقع لبعض مشايخنا بالفاء، ولا بُعد فيه من جهة المعنى. انتهى (٤).

(لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟)، أي لأجل الاغتسال من الجنابة، أو عند إرادة الاغتسال منها، وقد تقدّم بيان معنى الجنابة، وهي إنما سألت عن الوجوب، أي: هل يجب عليّ نقضه أم لا؟ بدليل قوله في الجواب: "لا، إنما يكفيك إلخ". (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا)، أي لا يجب عليك ذلك (إِنَّمَا يَكْفِيكِ)، أي يَجزيك، والكاف مكسورةٌ؛ لأن الخطاب للمؤنّث (أَنْ تَحْثِي) بكسر الثاء المثلّثة، وسكون الياء، أصله تحثيين بياءين، كتضرِبين، أو تحْثُوين، كتنصُرِين، فعلى الأول حُذفت كسرة الياء، للاستثقال، ثم الياء لالتقاء الساكنين، وأما على الثاني، فنُقلت كسرة الواو إلى الثاء المثلّثة بعد سلب حركتها، ثم قُلبت الواو ياءً؛


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١١.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٣٨٧.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٣٦٣.
(٤) "المفهم" ١/ ٥٨٥.