للمناسبة، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، ثم في الحالتين حُذفت النون للناصب، قال القاري: ولا يجوز فتح الياء من "تَحْثِي" لأجل الناصب؛ لأن هذه الياء ليست جزء الكلمة التي تُفتح إذا دخل الناصب على الفعل، وإنما هي ضمير المؤنّثة.
و"أن تحثي" في تأويل المصدر فاعل "يكفيك"، ووقع في بعض نسخ النسائيّ:"أن تحثين" بإثبات النون، ويؤوّل على إهمال "أن" حملًا لها على "ما" المصدريّة، كما قال في "الخلاصة":
والْحثْيُ: الرَّمْيُ، والمراد به هنا الصبّ، يقال:"حَثَا الرجل التراب يحثوه حَثْوًا، من باب غزا، ويَحْثِيه حَثْيًا، من باب رَمَى: هاله، أي صبّه بيده، وبعضهم يقول: قبضه بيده، ثم رماه، ومنه: "فاحثُوا التراب في وجهه"، ولا يكون إلا بالقبض والرمي، أفاده الفيّوميّ.
وقال النوويّ رحمه الله في "شرحه": قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحثي على رأسك ثلاث حثيات" هي بمعنى الْحَفَنات في الرواية الأخرى، و"الْحَفْنة": ملء الكفّين من أيّ شيء كان، ويقال: حثَيتُ، وحثوتُ بالياء والواو، لغتان مشهورتان. انتهى (١).
(عَلَى رَأْسِكِ) متعلّق بـ "تحثي" (ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ) مفعول مطلق على النيابة، وأصله: حَثَياتٍ ثلاثًا (ثُمَّ تُفِيضِينَ) بضمّ حرف المضارعة، من الإفاضة، وهو الصبّ، وثبتت النون؛ لأنه مرفوعٌ على الاستئناف، وأشار في هامش النسخة الهنديّة إلى أنه وقع في بعض النسخ بحذف النون، وهو القياس، على أن يكون منصوبًا عطفًا على "تَحْثِي" (عَلَيْكِ)، أي بقيّة بدنك، وفي رواية النسائيّ: "على جسدك" (الْمَاءَ) منصوب على المفعوليّة لـ"تُفيضين" (فَتَطْهُرِينَ") فيه دلالة على أن هذا الفعل، من الحثيات الثلاث على الرأس، وإفاضة الماء على سائر