للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وممن قال بها كلِّها أبو عبيد القاسم بن سلام، ذكر أبو عبيد أن الناس تكلموا في الحيض قديمًا وحديثًا، ووَقَّتوا فيه أوقاتًا مختلفةً، فلما رأينا الأوقات من العلماء قد اختُلِفت فيه، رددنا علم ذلك كله إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم انتهينا إليها؛ لأن الله جل ذكره يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]، فنظرنا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجدناه قد بَيَّن فيه ثلاثَ سُنَن تَبَيَّن فيها كلُّ مشكل لمن سمعها وفهمها، حتى لا يَدَع لأحد فيها مقالًا بالرأي.

أما أحد السنن الثلاث، فهي الحائض التي لها أيام معلومة، قد حاضتها بلا اختلاط عليها، ثم استحيضت، واستَمَرَّ بها الدم، وهي في ذلك تَعْرِف أيامها، ومبلغ عددها، فذكر حديث أم سلمة - رضي الله عنها - الذي ذكرناه، وذكر حديثًا عن عائشة - رضي الله عنها - (١).

قال أبو عبيد: وأما السنة الثانية، ففي الحائض التي لها أيام متقدمة، قد جَرَت عليها، وعرفتها، ثم استَمَرَّ بها الدم، وطال حتى اختلطت عليها أيامها، وزادت ونقصت، وتقدمت وتأخرت، حتى صارت لا تَعْرِف عددها، ولا وقتها من الشهور، فاحتُجَّ لمن هذه قصتها بحديث عائشة الذي بدأنا بذكره، وهو الخبر الثابت، خبر عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش، وأما السنة الثالثة، فهي التي ليست لها أيام متقدمةٌ، ولم تَرَ الدم قط، ثم رأته أول ما أدركت، فاستمر بها، فإن سنة هذه غير سنة الأولى والثانية، وذَكَر حديث بنت جحش الذي رواه ابن عَقِيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه، عن حمنة بنت جحش.


(١) هو ما أخرجه ابن ماجه في سننه، فقال: (٦٢٤) حدثنا علي بن محمد، وأبو بكر بن أبي شيبة، قالا: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أُستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: "لا، إنما ذلكِ عرق، وليست بالحيضة، اجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي، وتوضئي لكل صلاة، وإن قطر الدم على الحصير".
وهو حديث ضعيف؛ لأن فيه عنعنة حبيب بن أبي ثابت، وهو مدلّس، وقد خالفه هشام بن عروة، فليست عنده هذه الزيادة، وقد أخرجه البخاريّ عن طريقه، راجع: "إرواء الغليل" للشيخ الألباني ١/ ٢٢٥ رقم (٢٠٨).