للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أحمد، وإسحاق خلاف قول أبي عبيد، قالا: إذا استحيضت المرأة، واستمر بها الدم، وهي غير عارفة بأيامها فيما مضى، وليس ينفصل دمها، فتَعْرِف إقباله من إدباره، ووَصَفت من كثرة دمها وغلبته نحوًا مما وَصَفت حمنة، فإنها تجلس ستة أيام، أو سبعة أيام على حديث حمنة، وذلك وسط من حيض النساء.

قال ابن المنذر: فقول أحمد وإسحاق هذا، وتأويلهما لحديث حمنة خلاف تأويل أبي عبيد؛ لأن أبا عبيد إنما تأوَّل حديث حمنة، فيمن ليست لها أيام متقدمة، ولم تَرَ الدم، وتأويل الحديث عند أحمد وإسحاق لمن هي غير عارفة بأيامها فيما مضى ضِدَّ ما قال أبو عبيد، وتأوَّل الشافعي حديث حمنة على غير ما تأوله هؤلاء.

وكان الشافعي يقول بعد ذكره لحديث حمنة: هذا يدلّ على أنها كانت تعرف أيام حيضها ستًّا أو سبعًا، فلذلك قال لها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "فإن قَوِيتِ أن تؤخري الظهر، وتعجلي العصر، وتغتسلي حين تطهرين، وتصلين الظهر والعصر جميعًا، ثم تؤخري المغرب، وتعجلي العشاء، ثم تغتسلي، وتجمعي بين المغرب والعشاء فافعلي، وتغتسلين عند الفجر، ثم تصلين الصبح، وكذلك فافعلي، وصومي إن قويت على ذلك، وهذا أحب الأمرين إليّ"، قال الشافعيّ: هذا يدلّ على أنها كانت تَعْرف أيام حيضتها ستًّا أو سبعًا، فلذلك قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وكان الشافعيّ بعد أن ذكر حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وحديث أم سلمة، وحديث حمنة، يقول: وبهذه الأحاديث الثلاثة نأخذ، وهي عندنا متفقة فيما فيه، وفي بعضها زيادة على بعض، فذكر حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وقد ذكرتُ قوله فيه فيما مضى، وقد ذكرنا عنه قوله في حديث حمنة، قال: وجواب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حديث أم سلمة المستحاضةَ يدل على أن المرأة التي سألت لها أمُّ سلمة، كانت لا ينفصل دمها، فأمرها أن تترك الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر، قبل أن يصيبها الذي أصابها، والله أعلم. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله (١).


(١) "الأوسط" ٢/ ٢١٨ - ٢٢٧.