للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصّة فاطمة بنت أبي حبيش - رضي الله عنها - لاشكّ في صحّته؛ إذ هو متّفقٌ عليه.

وأما حديث أم سلمة - رضي الله عنها -، وإن أعلّوه بالانقطاع، أو جهالة الواسطة، كما تقدّم في كلام ابن المنذر، فالصحيح أنه صحيح؛ لأن سليمان بن يسار تابعيّ ثقة ثبت، أدرك أم سلمة دون شكّ، وقد ذكروه فيمن سمع منها، ولم يُطعن بالتدليس، فروايته محمولة على الاتّصال، ولا تُعل برواية من أدخل الواسطة بينه وبينها؛ لأنه على تقدير صحتها يُحمل على أنه سمع الحديث منها مباشرة وبواسطة، كما هو معروف في روايات الثقات، وقد ذكر مثل هذا التأويل ابن التركماني في "الجوهر النقيّ"، وقد أجاد الشيخ الألبانيّ البحث في هذا، في كتابه "صحيح سنن أبي داود"، فراجعه تستفد، والله تعالى أعلم (١).

وأما حديث حمنة بنت جحش - رضي الله عنها -، فقد أخرجه أبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه، وغيرهم، وحسّنه الشيخ الألبانيّ رحمه الله، قال: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، غير ابن عَقِيل، وقد تكلّم فيه بعضهم من قِبَل حفظه، وهو في نفسه صدوقٌ، فحديثه في مرتبة الحسن، وكان أحمد وابن راهويه يحتجّان به، كما قال الذهبيّ، ولهذا قال الترمذيّ عقب هذا الحديث: حسنٌ صحيحٌ، وسألت محمدًا - يعني البخاريّ - عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسنٌ صحيح، وهكذا قال أحمد بن حنبل: هو حديث حسنٌ صحيح. انتهى. كلام الشيخ الألبانيّ رحمه الله، وهو تحقيقٌ حسنٌ، والله تعالى أعلم.

ثم إن أقرب التأويلات في الجمع بين الأحاديث هو الذي مشى عليه الإمام الشافعيّ رحمه الله.

وحاصله أن حديث فاطمة بنت أبي حبيش يُحمل على من كانت تميّز بين دم استحاضتها ودم حيضها، فإذا استمرّ بها الدم، وهي تعرف دم الحيض إذا أقبل بأوصافه المعروفة لدى النساء، فإنها تقعد أيامها، فإذا ذهب ذلك، فإنها تغتسل، وتصلّي.

وأما حديث حمنة - رضي الله عنها -، فإنه يُحمل على من لا تميّز بين الدمين، ولكنها


(١) "صحيح سنن أبي داود" ٢/ ٣٠ - ٣٣.