للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كانت تعرف أيام حيضها، إما ستة أو سبعة، فتجلس مقدار تلك الأيام، فإذا ذهبت تغتسل، وتصلي.

وأما حديث أم سلمة - رضي الله عنها -، فيحمل على المرأة التي لا تعرف عدد أيام حيضها، ولا تميّز بين الدمين، أو كانت مبتدأة، لم تحض قبلُ قط، فإنها تقعد مثل ما يقعد أغلب نساء قومها، أمها، وأخواتها، ونحوهنّ.

والحاصل أن التي لها عادة ترجع إلى عادتها، والتي لا عادة لها، ولكنها مميّزة تعمل بالتمييز، والتي لا عادة لها، ولا تمييز، فإنها ترجع، فبهذا تتفق الأحاديث، بلا تعارض، ولا دعوى نسخ، ولا تضعيف لصحيح، وقد أشبعت البحث في هذا في "شرح النسائيّ" (١)، فراجعه تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): ذكر النوويّ رحمه الله فوائد مما يتعلّق بحكم الاستحاضة، فقال:

وأما حكم المستحاضة، فهو مبسوط في كتب الفقه أحسن بسط، وأنا أشير إلى أطراف من مسائلها، فاعلم أن المستحاضة لها حكم الطاهرات في معظم الأحكام، فيجوز لزوجها وطؤها في حال جريان الدم عندنا، وعند جمهور العلماء، حكاه ابن المنذر في "الإشراف" عن ابن عباس، وابن المسيِّب، والحسن البصريّ، وعطاء، وسعيد بن جبير، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد الله المزنيّ، والأوزاعيّ، والثوريّ، ومالك، وإسحاق، وأبي ثور. قال ابن المنذر: وبه أقول، قال: ورَوَينا عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: لا يأتيها زوجها، وبه قال النخعيّ، والحكم، وكرهه ابن سيرين، وقال أحمد: لا يأتيها إلا أن يطول ذلك بها، وفي رواية عنه رحمه الله أنه لا يجوز وطؤها إلا أن يخاف زوجها الْعَنَتَ، والمختار ما قَدَّمناه عن الجمهور.

والدليل عليه ما رَوَى عكرمة، عن حمنة بنت جحش - رضي الله عنها - أنها كانت مستحاضةً، وكان زوجها يجامعها، رواه أبو داود، والبيهقيّ، وغيرهما بهذا اللفظ، بإسناد حسن.


(١) راجع: "المجتبى" ٤/ ١٧٨ - ١٨٤.