للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال البخاريّ في "صحيحه": قال ابن عباس: المستحاضة يأتيها زوجها إذا صَلَّت، الصلاة أعظم، ولأن المستحاضة كالطاهرة في الصلاة والصوم وغيرهما، فكذا في الجماع، ولأن التحريم إنما يثبت بالشرع، ولم يَرِد الشرع بتحريمه، والله تعالى أعلم.

وأما الصلاة، والصيام، والاعتكاف، وقراءة القرآن، ومسّ المصحف، وحمله، وسجود التلاوة، وسجود الشكر، ووجوب العبادات عليها، فهي في كل ذلك كالطاهرة، وهذا مُجْمَعٌ عليه، وإذا أرادت المستحاضة الصلاة، فإنها تؤمر بالاحتياط في طهارة الحدث، وطهارة النجس، فتغسل فرجها قبل الوضوء والتيمم، إن كانت تتيمم، وتحشو فرجها بقطنة، أو خرقة؛ رفعًا للنجاسة، أو تقليلًا لها، فإن كان دمها قليلًا يندفع بذلك وحده، فلا شيء عليها غيره، وإن لم يندفع شَدَّت مع ذلك على فرجها، وتَلَجَّمت.

وهو أن تشدّ على وسطها خرقةً، أو خيطًا، أو نحوه على صورة التِّكّة، وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الطرفين، فتدخلها بين فخذيها وأليتيها، وتشد الطرفين بالخرقة التي في وسطها، أحدهما قُدَّامها عند سُرّتها، والأخرى خلفها، وتُحْكِم ذلك الشدّ، وتُلصق هذه الخرقة المشدودة بين الفخذين بالقطنة التي على الفرج إلصاقًا جيّدًا، وهذا الفعل يُسَمَّى تَلَجُّمًا، واستثفارًا، وتعصيبًا.

قال أصحابنا: وهذا الشدّ والتلجم واجب إلا في موضعين:

[أحدهما]: أن تتأذى بالشدّ، ويحرقها اجتماع الدم، فلا يلزمها؛ لما فيه من الضرر.

[والثاني]: أن تكون صائمة، فتترك الحشو في النهار، وتقتصر على الشدّ، قال أصحابنا: ويجب تقديم الشدّ والتلجم على الوضوء، وتتوضأ عقيب الشدّ من غير إمهال، فإن شدّت وتلجّمت، وأخَّرت الوضوء، وتطاول الزمان ففي صحة وضوئها وجهان، الأصحّ أنه لا يصحّ.

قال الجامع عفا الله عنه: تصحيح هذا القول فيه نظر لا يخفى، فإنه - صلى الله عليه وسلم - حين أمرها بالتلجّم، والوضوء لكلّ صلاة، ما اشترط عليها هذا الشرط، بل أطلقه إطلاقًا، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

قال: وإذا استوثَقَت بالشدّ على الصفة التي ذكرناها، ثم خرج منها دم من