غير تفريط، لم تبطل طهارتها، ولا صلاتها، ولها أن تصلي بعدَ فرضها ما شاءت من النوافل؛ لعدم تفريطها، ولتعذر الاحتراز عن ذلك، أما إذا خرج الدم لتقصيرها في الشدّ، أو زالت العصابة عن موضعها؛ لضعف الشدّ، فزاد خروج الدم بسببه، فإنه يبطل طهرها، فإن كان ذلك في أثناء صلاة بطلت، وإن كان بعد فريضة لم تستبح النافلة؛ لتقصيرها، وأما تجديد غسل الفرج وحشوه وشدّه لكل فريضة، فيُنظَر فيه إن زالت العصابة عن موضعها زوالًا له تأثير، أو ظهر الدم على جوانب العصابة وجب التجديد، وإن لم تزل العصابة عن موضعها، ولا ظهر الدم ففيه وجهان لأصحابنا، أصحهما وجوب التجديد كما يجب تجديد الوضوء.
قال: ثم اعلم أن مذهبنا أن المستحاضة لا تصلي بطهارة واحدة أكثر من فريضة واحدة، مؤداةً كانت أو مقضيةً، وتستبيح معها ما شاءت من النوافل قبل الفريضة وبعدها، ولنا وجهٌ أنها لا تستبيح أصلًا؛ لعدم ضرورتها إلى النافلة، والصواب الأول، وحُكِي مثل مذهبنا عن عروة بن الزبير، وسفيان الثوريّ، وأحمد، وأبي ثور.
وقال أبو حنيفة: طهارتها مقدرة بالوقت، فتصلي في الوقت بطهارتها الواحدة ما شاءت من الفرائض الفائتة.
وقال ربيعة، ومالك، وداود: دم الاستحاضة لا ينقض الوضوء، فإذا تطهرت فلها أن تصلي بطهارتها ما شاءت من الفرائض، إلى أن تُحدث بغير الاستحاضة.
قال أصحابنا: ولا يصح وضوء المستحاضة لفريضة قبل دخول وقتها، وقال أبو حنيفة: يجوز، ودليلنا أنها طهارة ضرورة فلا تجوز قبل وقت الحاجة. قال الجامع عفا الله عنه: القول بعدم جواز وضوئها قبل الوقت يحتاج إلى دليل؛ إذ النصّ:"ثم توضئي لكلّ صلاة"، ولم يقيّده بكونه في الوقت فقط، فتدبّر، والله تعالى أعلم.
قال أصحابنا: وإذا توضأت بادرت إلى الصلاة عقب طهارتها، فإن أخّرت بأن توضأت في أول الوقت، وصلّت في وسطه نُظِر، إن كان التأخير للاشتغال بسبب من أسباب الصلاة، كستر العورة، والأذان والإقامة، والاجتهاد