في القبلة، والذهاب إلى المسجد الأعظم، والمواضع الشريفة، والسعي في تحصيل سُتْرة تصلي إليها، وانتظار الجمعة والجماعة، وما أشبه ذلك، جاز على المذهب الصحيح المشهور، ولنا وجه أنه لا يجوز، وليس بشيء.
وأما إذا أخرت بغير سبب من هذه الأسباب، وما في معناها ففيه ثلاثة أوجه: أصحها لا يجوز، وتبطل طهارتها، والثاني: يجوز، ولا تبطل طهارتها، ولها أن تصلي بها، ولو بعد خروج الوقت. والثالث: لها التأخير ما لم يَخرُج وقت الفريضة، فإن خرج الوقت فليس لها أن تصلي بتلك الطهارة.
قال الجامع عفا الله عنه: القول الثاني هو الأرجح عندي، وأما الآخران ففيهما نظر لا يخفى، فأين النصّ الذي فصّل هذا التفصيل؟ فقد أباح لها أن تصلي كلّ صلاة بوضوء، ولم يقيّد ذلك بشيء من التقديم والتأخير، وكونه في الوقت أو بعده، فتأمل بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم.
قال: قال أصحابنا: وكيفية نية المستحاضة في وضوئها أن تنوي استباحة الصلاة، ولا تقتصر على نية رفع الحدث، ولنا وجه أنه يجزئها الاقتصار على نية رفع الحدث، ووجهٌ ثالث أنه يجب عليها الجمع بين نية استباحة الصلاة ورفع الحدث، والصحيح الأول، فإذا توضأت المستحاضة استباحت الصلاةَ، وهل يقال: ارتفع حدثها؟ فيه أوجه لأصحابنا، الأصح أنه لا يرتفع شيء من حدثها، بل تستبيح الصلاة بهذه الطهارة مع وجود الحدث، كالمتيمم، فإنه محدث عندنا، والثاني: يرتفع حدثها السابق والمقارن للطهارة دون المستقبل، والثالث: يرتفع الماضي وحده.
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن القول الثاني أرجح؛ حيث إنها مثل المتيمّم، والمتيمّم يرتفع حدثه على الأرجح، كما حقّقته في "شرح النسائيّ"، وسيأتي هنا أيضًا في موضعه - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم.
قال:(واعلم): أنه لا يجب على المستحاضة الغسل لشيء من الصلاة، ولا في وقت من الأوقات إلا مرةً واحدةً في وقت انقطاع حيضها، وبهذا قال جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو مروي عن عليّ، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة - رضي الله عنهم -، وهو قول عروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد.