للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المضارعة، من الإفضاء، وهو الوصول، يقال: أفضيت إلى الشيء: إذا وصلت إليه (١).

و"لا" هنا نافيةٌ؛ لكون الفعل بعدها مرفوعًا، حيث ثبتت فيه الياء التي حقّها أن تُحذف للجازم، كما قال في "الخلاصة":

وَأَيُّ فِعْلٍ آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ … أَوْ وَاوٌ اوْ يَاءٌ فَمُعْتَلًّا عُرِفْ

فَالأَلِفَ انْوِ فِيهِ غَيْرَ الْجَزْمِ … وَأَبْدِ نَصْبَ مَا كـ "يَدْعُو" "يَرْمِي"

وَالرَّفْعَ فِيهِمَا انْوِ وَاحْذِفْ جَازِمَا … ثَلَاثَهُنَّ تَقْضِ حُكْمًا لَازِمَا

لكن حكى السيوطيّ رَحِمَهُ اللهُ في "همع الهوامع" أن عدم حذف حرف العلّة للجازم لغة، وخرّج عليها قراءة قُنبل "إنه من يتقي ويصبر" بالياء، وجزم "يصبر" (٢)، وعلى هذه اللغة يحتمل أن يكون "يُفضي" هنا مجزومًا بـ "لا"، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) المراد به أن لا يكون بينهما حائل، يمنع من وصول جسد أحدهما إلى جسد الآخر.

قال ابن الملك رَحِمَهُ اللهُ: أي لا يصل بشرة أحدهما إلى بشرة الآخر في ثوب واحد في الْمُضطَجَع؛ لخوف ظهور الفاحشة بينهما، قال المظهر رَحِمَهُ اللهُ: ومن فعل ذلك يُعزّر، ولا يُحدّ، قاله في "المرقاة" (٣).

وحاصل المعنى: أنه لا يجوز للرجل أن يَصِل بجسده إلى جسد الرجل بلا حائل بينهما، والمراد من جسده هنا الموضع الذي لا يجوز إليه النظر منه، وهو ما بين السرة والركبة، أو السوأتان على الخلاف الذي يأتي، وأما ما عدا ذلك مما يحلّ للرجل النظر إليه، فلا يحرم الإفضاء إليه بجسده، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "لا يُفضي الرجل إلى الرجل إلخ": أي لا يخلوان كذلك ليباشر أحدهما عورة الآخر، ويلمسها، ولمسها محرَّمٌ كالنظر


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٧٦.
(٢) راجع: "حاشية الخضري على شرح ابن عقيل" ١/ ٦٧.
(٣) "مرقاة" المفاتيح ٦/ ٢٧٧.