للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وصدرها، وكان عمر - رضي الله عنه - يضرب الإماء على تغطية رؤوسهنّ، ويقول: لا تتشبّهن بالحرائر.

وحكم الحرائر في الصلاة ستر جميع أجسادهنّ إلا الوجه والكفّين، وهذا قول مالك، والشافعيّ، والأوزاعيّ، وأبي ثور، وكافّة السلف، وأهل العلم.

وقال أحمد بن حنبل: لا يُرى منها شيء، ولا ظفرها، ونحوه قول أبي بكر بن عبد الرحمن.

وأجمعوا أنها إن صلّت مكشوفة الرأس كلّه أن عليها إعادة الصلاة، واختلفوا في بعضه، فقال الشافعيّ، وأبو ثَوْر: تُعيد، وقال أبو حنيفة: إن انكشف أقلّ من ثلثه لم تُعِدْ، وكذلك أقلّ من ربع بطنها، أو فخذها، وقال أبو يوسف: لا تُعيد في أقلّ من النصف، وقال مالك: تُعيد في القليل والكثير من ذلك في الوقت.

واختُلف عندنا - أي المالكيّة - في الأمة تصلّي مكشوفة البطن، هل يُجزئها، أو لا بدّ من سترها جسدها؟.

وقال أبو بكر بن عبد الرحمن: كلُّ شيء من الأمة عورة حتى ظفرها. انتهى كلام القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: أرجح المذاهب عندي مذهب من قال: إن الفخذ من العورة؛ للأحاديث الواردة في ذلك:

(منها): حديث عليّ - رضي الله عنه -، قال: قال لي النبيّ عليه السلام: "ولا تُبرز فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميت"، رواه أبو داود، وابن ماجه، وهو حديث حسن لشواهده.

(ومنها): حديث جَرْهَدٍ الأسلميّ، قال: مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليّ بُردة، وقد انكشف فخذي، فقال: "غَطِّ فخذك، فإن الفخذ عورة"، رواه مالك، وأحمد، والترمذيّ، وقال: حديث حسنٌ، وصححه ابن حبّان، وعلّقه البخاريّ في "صحيحه"، وضعّفه في "تاريخه" للاضطراب في إسناده (٢).


(١) "المفهم" ١/ ٥٩٦ - ٥٩٨.
(٢) راجع: بيان الاضطراب في: "التاريخ الكبير" ٢/ ٢٤٨ - ٢٤٩، و"نصب الراية" ٤/ ٢٤٣ - ٢٤٤.