للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، قال: مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل، وفخذه خارجة، فقال: "غَطّ فخذك، فإن فخذ الرجل من عورته"، رواه أحمد، والترمذيّ، وهو حديث حسن لشواهده أيضًا.

(ومنها): حديث محمد بن جحش، قال: مرّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه على معمر، وفخذاه مكشوفتان، فقال: "يا معمر، غَطّ فخذيك، فإن الفخذين عورة" رواه أحمد بإسناد حسن، والحاكم في "المستدرك"، وقال الزيلعيّ في "نصب الراية": إسناده صالح، وصححه الطحاويّ (١).

والحاصل أن هذه الأحاديث لا شكّ في صحّتها بمجموعها، وقد صحّح بعضهم بعضها، وحسّن الآخرون بعضها، فهي صالحة للاحتجاج بها، فقد دلّت على أن الفخذ عورة، فهي أولى بالاحتياط من أحاديث انكشاف فخذ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإن كانت أصحّ، ولذا قال الإمام البخاريّ في "صحيحه": ويُروى عن ابن عبّاس، وجَرْهد، ومحمد بن جحش، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "الفخذ عورة"، وقال أنس: حَسَرَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الإزار عن فخذه، وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط. انتهى (٢).

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ عن حديث أنس هذا (٣): هذا محمول على أنه انكشف الإزار، وانحسر بنفسه، لا أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تعمّد كشفه، بل انكشف لإجراء


(١) "مسند أحمد" ٥/ ٢٩٠، و"المستدرك" ٤/ ١٨٠، و"معاني الآثار" ١/ ٤٧٤ - ٤٧٥، و"نصب الراية" ٤/ ٢٤٥.
(٢) "صحيح البخاريّ" في: "الصلاة" (١٢) "باب ما يُكره في الفخذ".
(٣) أراد بحديث أنس ما أخرجه الشيخان، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خيبر، فصلّينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم -، ورَكِب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - في زُقَاق خيبر، وإن ركبتي لتَمَسّ فخذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حَسَر الإزار عن فخذه، حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - … " الحديث.
ومثله ما أخرجاه أيضًا، واللفظ للبخاريّ عن أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قاعدًا في مكان، فيه ماء، قد انكَشَف عن ركبتيه، أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها".