للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البراء - رضي الله عنه - (١)، ثم قال: والوضوء من لحوم الإبل يجب؛ لثبوت هذين الحديثين، وجَوْدة إسنادهما.

وقد اختَلَف أهل العلم في هذا الباب، فقالت طائفة كما قلنا، رَوَينا عن جابر بن سمرة أنه كان يقول: كنا نتوضأ من لحوم الإبل، ولا نتوضأ من لحوم الغنم، ورَوَينا عن ابن عمر أنه قال: توضّوا من لحوم الإبل، ولا توضّوا من لحوم الغنم.

قال: وهذا قول محمد بن إسحاق، صاحب "المغازي"، وبه قال أحمد، وإسحاق، وقال أحمد بن حنبل: فيه حديثان صحيحان: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة، وقال إسحاق: قد صَحّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك.

وأسقطت طائفة الوضوء من لحوم الإبل، وممن كان لا يرى ذلك واجبًا مالك بن أنس، وسفيان الثوريّ، والشافعيّ، وأصحاب الرأي، وقد رُوي ذلك عن سُويد بن غَفَلة، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، ورُوي ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما -. انتهى كلام ابن المنذر رحمه اللهُ (٢).

وقال النوويّ رحمه اللهُ بعد ذكر الاختلافات: وذهب إلى انتقاض الوضوء به: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن يحيى، وأبو بكر بن المنذر، وابن خزيمة، واختاره الحافظ أبو بكر البيهقيّ، وحُكِي عن أصحاب الحديث مطلقًا، وحُكِي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -.

ثم قال: وهذا المذهب أقوى دليلًا، وإن كان الجمهور على خلافه، وقد أجاب الجمهور عن حديث: "توضّأ من لحوم الإبل" بحديث جابر: "كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تركَ الوضوء مما مست النار"، ولكن هذا الحديث


(١) قال: (٢٩) حدثنا إسحاق، عن عبد الرازق، عن الثوريّ، عن الأعمش، عن عبد الله - هو ابن عبد الله -، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل: أنصلي في أعطان الإبل؟ قال: "لا"، قال: أنصلي في مرابض الغنم؟ قال: "نعم"، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "لا"، قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم". انتهى. "الأوسط" ١/ ١٣٨.
(٢) "الأوسط" ١/ ١٣٨ - ١٤٢.