للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عامّ، وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاصّ، والخاصّ مقدَّم على العام. انتهى كلام النوويّ رحمه اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي حقّقه النوويّ رحمه الله مخالفًا لمذهبه من وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل هو الحقّ، ولقد أنصف رحمه الله، ودافع عن السنّة، وترك الدفاع عن المذهب، خلاف ما يسلكه عامّة مقلدي المذاهب من تأويلهم الأحاديث الصحيحة إذا خالفت مذهبهم.

وقال الحافظ في "التلخيص": قال البيهقيّ: حَكَى بعض أصحابنا عن الشافعيّ قال: إن صح الحديث في لحوم الإبل قلت به.

قال البيهقيّ: قد صحّ فيه حديثان: حديث جابر بن سمرة، وحديث البراء، قاله أحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهويه. انتهى.

وقد ذكر العلامة الموفق ابن قدامة رحمه الله في "المغني" في هذا البحث كلامًا حسنًا مفيدًا، قال: إن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء على كل حال نَيّئًا ومطبوخًا عالِمًا كان أو جاهلًا، وبهذا قال جابر بن سمرة، ومحمد بن إسحاق، وإسحاق، وأبو خيثمة، ويحيى بن يحيى، وابن المنذر، وهو أحد قولي الشافعيّ، قال الخطابيّ: ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث.

وقال الثوريّ، ومالك، والشافعيّ، وأصحاب الرأي: لا ينقض الوضوء بحال؛ لأنه رُوي عن ابن عباس، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الوضوء مما يخرج، لا مما يدخل"، ورُوي عن جابر قال: "كان آخر الأمرين، ترك الوضوء مما مست النار"، رواه أبو داود.

ولنا ما رَوَى البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الإبل؟ فقال: "توضؤوا منها"، وسئل عن لحوم الغنم؟ فقال: "لا يتوضأ منها"، رواه أبو داود (٢)، وروى جابر بن سمرة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مثله، أخرجه مسلم.

وروى الإمام أحمد باسناده، عن أُسيد بن حُضير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٤٨ - ٤٩.
(٢) حديث صحيح، رواه أبو داود برقم (١٨٤).