للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وخَيَّلَ الرجلُ على غيره تخييلًا، مثلُ لبّس تلبيسًا وزنًا ومعنًى: إذا وجّه الوهْمَ إليه، والْخَيالُ كلُّ شيء تراه كالظلّ، وخَيَالُ الإنسان في الماء والمرآة صورة تِمثَاله، وربّما مرّ بك الشيء يُشبه الظلّ فهو خَيَالٌ، وكلُّهُ بالفتح. انتهى (١).

والجملة من الفعل والنائب صفة لـ"الرجل"، على تقدير "أل" جنسيّة، والمعرّف بها في قوّة النكرة، كما في قول الشاعر [من الكامل]:

وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي … فَمَضَيْتُ ثُمَّتَ قُلْتُ لَا يَعْنِينِي

فإنه لم يُرِد لئيمًا معيَّنًا، فهو نكرة في المعنى، نبّه عليه الفاكهيّ (٢).

(أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ) أي الحدثَ خارجًا منه، وصَرَّح به الإسماعيليّ، ولفظه: "يُخَيَّلُ إليه في صلاته أنه يَخرُج منه شيء"، وفيه العدول عن ذكر الشيء المستقذَر بخاص اسمه، إلا للضرورة.

وجملة "أن" من اسمها وخبرها نائب فاعلٍ لقوله: "يُخَيَّل".

(فِي الصَّلَاةِ) متعلّق بـ"يُخيّل"، أو بـ"يجد"، قال في "الفتح": تمسّك بعض المالكية بظاهره، فخَصُّوا الحكم بمن كان داخل الصلاة، وأوجبوا الوضوء على من كان خارجها، وفَرَّقوا بالنهي عن إبطال العبادة، والنهيُ عن إبطال العبادة متوقف على صحتها، فلا معنى للتفريق بذلك؛ لأن هذا التخيُّل إن كان ناقضًا خارج الصلاة، فينبغي أن يكون كذلك فيها، كبقية النواقض. انتهى (٣).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - مجيبًا عن هذا السؤال ("لَا يَنْصَرِفُ) بالرفع على أن "لا" نافية، أو بالجزم على أنها ناهية، ويكون النفي بمعنى النهي، بل هو أبلغ؛ لأنه نفيٌ للشيء من أصله، والنهي إعدام لحكمه مع بقائه، ويجوز الجزم على أنها ناهية، وفي رواية البخاريّ: "لا ينفتل، أو لا ينصرف"، قال في "الفتح": هو شك من الراوي، وكأنه من عليّ - يعني ابن المدينيّ شيخ البخاريّ فيه - لأن الرواة غيره رووه عن سفيان بلفظ: "لا ينصرف"، من غير شك. انتهى.


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٨٧.
(٢) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١/ ٦٦١ - ٦٦٢.
(٣) "الفتح" ١/ ٢٨٦.