للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكره ابن المنذر، واختاره هو أيضًا، والبخاريّ أيضًا، فلذلك بوّب عليه، فقال: "باب التيمّم ضربةٌ".

وأجاب عن الثالث بما لا طائل تحته، والجواب السديد ملخّصًا: أن التراب لا يأخذ حكم الاستعمال، وهذا الحكم في الماء دون التراب.

وأجاب عن الرابع بمنع إيجاب مسح الذراعين، وأكّد ذلك بقوله: ولهذا قالوا: مسح الكفين أصحّ في الرواية، ومسح الذراعين أشبه بالأصول.

قلت: فعلى هذا الإشكال الرابع غير وارد من الأول.

وأجاب الخامس بمنع إيجاب الترتيب، كما هو مذهب الحنفيّة.

قلت: هذه استعانة برأي من هو مخالف رأيه. انتهى (١).

(فَقَالَ عَبْدُ اللهِ) بن مسعود لأبي موسى - رضي الله عنهما - (أَوَ لَمْ تَرَ عُمَرَ) بن الخطّاب - رضي الله عنه - (لَمْ يَقْنَعْ) أي لم يَرْضَ، وهو بفتح النون، مضارع قَنِعَ بكسرها، يقال: قَنِعْتُ به قَنَعًا، من باب تَعِبَ، وقَنَاعَةً: إذا رَضِيتَ به، وهو قَنِعٌ، وقَنُوعٌ، ويتعدّى بالهمزة، فيقال: أقنعني (٢). (بِقَوْلِ عَمَّارٍ؟) - رضي الله عنه -؛ أي لأنه ذكّره قضيّةً متعلِّقة به، فلم يذكرها.

قال القرطبيّ رحمه اللهُ: لم يُنكر عمر على عَمَّار إنكارَ قاطعٍ بردّ الخبر؛ لكون عمّار غير ثقة، بل منزلةُ عمّار، وعِظَم شأنه ومكانته كلُّ ذلك معلوم، وإنما كان ذلك من عمر - رضي الله عنه -؛ لأنه لَمّا نَسَبه إليه، ولم يَذْكُره توقّف عمر، ولذلك قال له: "نولِّيك من ذلك ما تولَّيتَ"، أي ما تحمّلتَ عهدته مما ذكرته. انتهى بتصرّف (٣).

وقال في "العمدة": قوله: "لم يقنع بقول عمّار" وجه عدم قناعته بقول عمّار هو أنه كان معه في تلك القضيّة، ولم يتذكّر عمر ذلك أصلًا، ولهذا قال لعمّار فيما رواه مسلم عن عبد الرحمن بن أبزى: "اتّق الله يا عمّار"، أي فيما ترويه، وتثبّت فيه فلعلّك نسِيتَ، أو اشتبه عليك، فإني كنت معك، ولا أتذكّر شيئًا من هذا، ومعنى قول عمّار: "إن شئت لم أحدّث به": إن رأيتَ المصلحة


(١) "عمدة القاري" ٤/ ٥٥.
(٢) راجع: "المصباح" ٢/ ٥١٧.
(٣) "المفهم" ١/ ٦١٥.