المتيمّم عليه الفرض أن يُمِّم وجهه وكفّيه جميعًا، فلما أجاز - صلى الله عليه وسلم - أداء الفرض في التيمّم لكفّيه بفضل ما أدَّى به فرضَ وجهه صحّ أن التراب المؤدَّى به الفرض بعضو واحد جائز أن يؤدَّى به فرض العضو الثاني به مرّةً أخرى، ولَمّا صحّ ذلك في التيمّم صحّ ذلك في الوضوء سواءً. انتهى كلام ابن حبّان رَحمه اللهُ (١).
١٠ - (ومنها): أن من فعل ما أُمر به بزيادة أنه يصحّ؛ لأن عمّارًا - رضي الله عنه - تمرّغ، فاكتفى بالتمرّغ من مسح كفّيه، ووجهه؛ لاندراج أعضاء التيمّم في التمرّغ.
١١ - (ومنها): أنه يُستفاد منه مراجعة أهل العلم فيما اجتهد فيه، فإن عمّارًا - رضي الله عنه - راجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما اجتهد فيه.
١٢ - (ومنها): أن العلماء ينبغي لهم بيان وجه الصواب لمن راجعهم دون تعنيف وتوبيخ بخطئه.
١٣ - (ومنها): أن فيه البيان بالفعل؛ لأنه أبلغ من القول في التفهيم، كما بيّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لعمّار بالفعل.
١٤ - (ومنها): ما قاله الإمام ابن دقيق العيد رحمه اللهُ: قوله: "فتمرّغت في الصعيد كما تمرّغ الدابّة"، كأنه استعمالٌ لقياس لا بُدّ فيه من تقدّم العلم بمشروعيّة التيمّم، وكأن عمّارًا لَمّا رأى أن الوضوء خاصّ ببعض الأعضاء، وكان بدله، وهو التيمّم خاصًّا وجب أن يكون بدل الغسل الذي يعمّ جميع البدن عامًّا لجميع البدن.
وقال أبو محمد بن حزم الظاهريّ: في هذا الحديث إبطال القياس؛ لأن عمّارًا قدّر أن للمسكوت عنه من التيمّم للجنابة حكم الغسل للجنابة؛ إذ هو بدل منه، فأبطل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وأعلمه أن لكل شيء حكمه المنصوص عليه فقط.
والجواب عما قال أن الحديث دلّ على بطلان هذا القياس الخاصّ، ولا يلزم من بطلان الخاصّ بطلان العامّ، والقائسون لا يعتقدون صحّة كلّ قياس،