بالحديث على بطلان القياس من حيث هو، وإبطاله - صلى الله عليه وسلم - له ليس إلا لاختلاله، والمفهوم اعتباره كما سبقت الإشارة إليه. انتهى كلام الصنعاني رَحمه اللهُ (١)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في كيفيّة التيمّم:
قال الإمام ابن المنذر رَحمه اللهُ: اختلفوا في كيفية التيمم:
فقالت طائفة: يبلغ به الوجه واليدين إلى الآباط، هكذا قال الزهري.
وقالت طائفة: التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، هذا قول ابن عمر، والحسن، والشعبيّ، وسالم، ورُوي ذلك عن جابر.
وقال النخعيّ: أعجب إليّ أن يبلغ به إلى المرفقين، وهذا قول مالك، والليث، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وسفيان، والشافعيّ، وأصحاب الرأي.
وقال أبو ثور: ضربتين أحب إليّ.
قال: ومن حجة بعض القائلين بهذا القول أحاديث ثلاثة:
[أحدها]: حديث نافع، قال: انطلقت مع ابن عمر إلى ابن عباس في حاجة، فكان من حديثه يومئذ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بال، قال: فمر عليه رجل، فسلّم عليه، فلم يرد عليه السلام، حتى ضرب بيديه على الحائط، ثم مسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح بهما ذراعيه، ثم رد عليه السلام.
[والحديث الثاني]: رواه الأعرج، عن أبي الصِّمّة، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تيمم، فمسح وجهه وذراعيه.
[والحديث الثالث]: ما رواه الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جدّه، عن أسلع، قال: كنت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأصابتني جنابة، فقال: "يا أسلع قُمْ، فارحل لي"، فقلت: أصابتني جنابة، فسكت، فنزلت آية التيمم، فأراني التيمم، فضرب بيديه، فمسح ذراعيه ظاهرهما وباطنهما.
وقالت طائفة: التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى الرسغين، رُوي هذا القول عن عليّ.
(١) "العدّة حاشية العمدة" ١/ ٤٣٢ - ٤٣٣.