٥ - (ومنها): أنه لا ينبغي، السلام على من يبول، وأن من سلّم عليه لا يستحقّ جوابًا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يردّ على الرجل حينما سلّم عليه، وإنما ردّ عليه بعد التيمّم من كريم أخلاق - صلى الله عليه وسلم -، ويؤيّد ذلك أنه قال في حديث جابر - رضي الله عنه -: "إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلّم عليّ، فإنك إن فعلت ذلك لم أرُدّ عليك"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في جواز التيمّم في الحضر:
قال الإمام ابن المنذر - رحمه الله -: اختلفوا في التيمم في الحضر لغير المريض، وللمريض لا ماء بحضرته، ولو وصل إلى الماء لتوضأ، فقالت طائفة: إذا خاف فوات الصلاة، تيمم وصلى، وحَكَى ابن القاسم عن مالك، أنه سئل عمن في القبائل من أطراف الفُسْطاط، وخَشِي إن توضأ أن تَطلُع الشمس قبل أن يبلغ الماء، قال: يتيمم ويصلي، قال: وقد كان مرة من قوله: في الحضر يعيد إذا توضأ.
وسئل الأوزاعي عمن انتَبَهَ من نومته وغفلته وهو جنب، فأشفق إن اغتسل وتوضأ طلعت الشمس، أو غابت؟ قال: يتيمم، ويصلي الصلاة قبيل فوات وقتها، قال الوليد: فذكرت ذلك لإبراهيم بن محمد الفزاريّ، فأخبرني عن سفيان أنه قال: يتيمم ويصلي، قال الوليد: فذكرت ذلك لمالك، وابن أبي ذئب، وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهم، فقالوا: بل يغتسل، وإن طلعت عليه الشمس؛ لقوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} الآية [النساء: ٤٣]، فهذا واجد للماء، وكان في عذرٍ من نومه وغفلته ونسيانه معذورٌ بها.
وحَكَى الوليد ذلك عن الليث، وكان الحسن يقول في مريض بحضرته ماء، وحضرت الصلاة، وليس عنده من يناوله، وخَشِي فوت الوقت، قال: يتيمم، ويصلي.
وقال الوليد: ولا أعلم إلا أني سمعت أبا عمرو يقول: إذا لم يجد المقيم ماءً تيمم وصلى، ولا إعادة عليه إلا في الوقت، واحتَجَّ بحديث ابن عمر، أنه أقبل من الْجُرُف، فلما كان بالْمِرْبَد حضرته صلاة العصر، فنزل فتيمم وصلى العصر.
قال الجامع عفا الله عنه: لكن قوله: "ولا إعادة عليه إلا في الوقت" فيه