للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نظر؛ لأن الإعادة في الوقت مما لا دليل عليه، فقد احتَجّ بفعل ابن عمر - رضي الله عنه -، وابن عمر دخل المدينة، والشمس مرتفعةٌ، فلم يُعِد، كما ذكره البخاريّ في "صحيحه"، وسيأتي قريبًا.

قال: وقالت طائفة: لا يجوز للحاضر غير المريض التيمم بحالٍ، فإن فَعَل كانت عليه الإعادة، هذا قول الشافعيّ، وأبي ثور، وقال ابن جريج: قلت لعطاء: قضيتُ الحاجة في بعض هذه الشِّعَاب، أتمسَّح بالتراب، وأصلي؟ قال: لا. انتهى كلام ابن المنذر - رحمه الله - (١).

وقال الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه": "باب التيمّم في الحضر إذا لم يجد الماء، وخاف فوات الوقت"، وبه قال عطاء، وقال الحسن - في المريض عنده الماء، ولا يجد من يُناوله -: يتيمّم، وأقبل ابن عمر من أرضه بالْجُرُف، فحضرت العصر بمِرْبَد النَّعَم، فصلّى - أي بالتيمّم - (٢) ثم دخل المدينة، والشمس مرتفعةٌ، فلم يُعِد، ثم أورد حديث الباب. انتهى.

وقال أبو محمد بن حزم - رحمه الله - في كتابه "الْمُحَلَّى": ويتيمم من كان من الحضر صحيحًا إذا كان لا يقدر على الماء، إلا بعد خروج وقت الصلاة، ولو أنه على شَفِير البئر، والدلو في يده، أو على شَفِير النهر، والساقية، والعين، إلا أنه يوقن أنه لا يُتِمُّ وضوءه أو غسله حتى يطلع أول قرن الشمس، وكذلك المسجون، والخائف.

ثم احتجّ بما أخرجه مسلم في "صحيحه" عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فُضّلنا على الناس بثلاث"، فذكر فيها: "وجُعلت لنا الأرض مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء".

وبما أخرجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "فُضِّلتُ على الأنبياء بستّ: أُعطيت جوامع الكلم، ونُصرت بالرعب، وأُحِلَّت لي الغنائم، وجُعِلت


(١) "الأوسط" ٢/ ٣٠ - ٣١.
(٢) أخرجه الشافعيّ بذكر التيمّم، فقال: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، أنه أقبل من الْجُرُف، حتى إذا كان بالْمِرْبَد تيمّم، فمسح وجهه، ويديه، وصلّى العصر … الحديث، راجع: "الفتح" ١/ ٥٢٦.