للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مَرَّ) أي اجتاز عليه، يقال: مرّ به مرًّا، ومُرُورًا، ويتعدّى بنفسه، كما قال ابن الأعرابيّ، ومنه قول الشاعر [من الوافر]:

تَمُرُّونَ الدِّيَارَ وَلَمْ تَعُوجُوا … كَلَامُكُمُ عَلَيَّ إِذَنْ حَرَامُ

(وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَبُولُ) جملة في محلّ نصب على الحال من فاعل "مَرّ"، والرابط الواو؛ لأن الجملة الاسميّة تُربط بالواو، كما تربط بالضمير، قال في "الخلاصة":

وَجُمْلَةُ الْحَالِ سِوَى مَا قُدِّمَا … بِوَاوٍ اوْ بِمُضْمَرٍ أَوْ بهِمَا

أي والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - يبول (فَسَلَّمَ) ذلك الرجل عليه - صلى الله عليه وسلم - (فَلَمْ يَرُدَّ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (عَلَيْهِ) أي على الرجل سلامه.

ثم إنه يَحْتَمل أنه أخّر الردّ حتى يتطهّر؛ لتعظيم اسم الله تعالى، ويؤيّد هذا ما سبق في رواية أبي داود: "ثم اعتذر إليه، فقال: إني كَرِهت أن أذكر الله - عز وجل - إلا على طهر".

وَيحْتَمِلُ أنه تركه تأديبًا له، ويؤيّده ما أخرجه ابن ماجه في "سننه" من طريق عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رجلًا مَرّ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسَلَّم عليه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتني على مثل هذه الحالة، فلا تُسَلِّم عليّ، فإنك إن فعلت ذلك، لم أَرُدَّ عليك"، وفي سنده عبد الله بن محمد بن عَقِيل، متكلّم فيه (١).

وقال السنديّ - رحمه الله -: ويحتمل أنه ترك الردّ أحيانًا، وأخّره أحيانًا على حسب اختلاف الناس في التأديب وغيره. انتهى (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢٧/ ٨٢٩] (٣٧٠)، و (أبو داود) في "الطهارة"


(١) وصحّح الحديث الشيخ الألبانيّ - رحمه الله -، وذكر له متابعات، انظر: "الصحيحة" ١/ ٣٣٤ - ٣٣٥.
(٢) "حاشية السنديّ على النسائيّ" ١/ ١٤٩.